لم يمتنع أن يخلق في حجر ، أو أحدث في كلّ حجر ، قوّة بجذب الماء ، من تحت الأرض ، أو يجذب الهواء من الجوانب ويصير الماء بقوة التّبريد ونحو ذلك.
ولي هناك فائدة يجب أن ينبه عليها. فأقول : الممتنع إمّا ممتنع بأيّ اعتبار أخذ ، أو باعتبار طبيعته ، وحقيقته ، مع قطع النّظر عن غيره ، أو باعتبار العادات والرّسوم. فالأوّل ، كشريك البارئ. والثّاني ، ككون الكبير في الصّغير. والثّالث ، ككون الحنطة خلّا.
والممتنع بالقياس إليه تعالى ، هو الأوّل دون الثّانيين. فتأمّل! فإنّه يحتاج إلى لطف تأمّل.
[وفي شرح الآيات الباهرة : (١) قال الإمام ـ عليه السّلام : واذكروا ، يا بني إسرائيل! (إِذِ اسْتَسْقى مُوسى لِقَوْمِهِ) ، طلب لهم السّقيا ، لمّا لحقهم العطش في التّيه ، وضجّوا بالنّداء إلى موسى ، وقالوا هلكنا بالعطش ، فقال موسى : «إلهي بحقّ محمّد سيّد الأنبياء وبحقّ عليّ سيّد الأوصياء وبحقّ فاطمة سيّدة النّساء وبحقّ الحسن سيّد الأولياء وبحقّ الحسين سيّد الشّهداء وبحقّ عترتهم وخلفائهم الأزكياء لمّا سقيت عبادك هؤلاء الماء. اعتبار فأوحى الله تعالى إليه : يا موسى : (اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ).
فضربه بها. (فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً ، قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ) ، أي : كلّ قبيلة ، من بني أب ، من أولاد يعقوب (مَشْرَبَهُمْ) فلا يزاحم الآخرين في مشربهم.
[قال الله تعالى :] (٢) (كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللهِ) الّذى اتاكموه! (وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) ، أي : ولا تعثوا (٣) وأنتم مفسدون عاصون.
ثمّ قال ـ عليه السّلام : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله : من أقام على موالاتنا أهل البيت ، سقاه الله من محبّته ، كأسا لا يبغون به بدلا ولا يريدون سواه كافيا ولا كالئا ولا ناصرا. ومن وطّن نفسه على احتمال المكاره في موالاتنا ، جعله الله يوم القيامة في عرصاتها بحيث يقصر كلّ من تضمّنته تلك العرصات أبصارهم عمّا يشاهدون من درجاته (٤) وإن كلّ واحد منهم ليحيط بما له من درجاته كإحاطته في الدّنيا يتلقاه (٥) بين يديه.
ثمّ يقول له : وطّنت نفسك على احتمال المكاره في موالاة محمّد وآله الطّيّبين ، قد جعل الله إليك ومكّنك في تخليص كلّ من يجب تخليصه من أهل الشّدائد في هذه العرصات. فيمدّ
__________________
(١) شرح الآيات الباهرة / ٢١.
(٢) ليس في المصدر.
(٣) المصدر : تسعوا.
(٤) كذا في المصدر. وفي الأصل ور : درجاتهم.
(٥) المصدر : تتلقّاه.