يتعلّق بعلم النّبوّة ، وتركوا السّؤال عمّا يعنونه ، ويختصّ بعلم النّبوّة ، عقّب بذكره جواب ما سألوه ، تنبيها على أنّ اللائق لهم أن يسألوا أمثال ذلك ويهتمّوا بالعلم بها. أو أنّ المراد به التّنبيه على تعكيسهم السّؤال وتمثيلهم بحال من ترك باب البيت ودخل من ورائه.
والمعنى : وليس البرّ أن تعكسوا في مسائلكم ولكنّ البرّ من اتّقى ذلك ، ولم يجسر على مثله.
(وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها) ، إذ ليس في العدول برّ.
في مجمع البيان (١) : فيه وجوه :
أحدها ـ أنّه كان المجرمون لا يدخلون بيوتهم من أبوابها. ولكنّهم كانوا يتنقّبون (٢) في ظهور بيوتهم ، أي : في مؤخّرها نقبا يدخلون ويخرجون منه. فنهوا عن التّديّن بذلك. رواه أبو الجارود عن أبي جعفر ـ عليه السّلام.
وثانيها ـ أنّ معناه ليس البرّ بأن تأتوا الأمور (٣) من غير جهاتها. وينبغي أن تؤتى (٤) الأمور من جهاتها ، أيّ الأمور كان. وهو المرويّ عن جابر عن أبي جعفر ـ عليه السّلام.
وثالثها ـ وقال أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ آل محمّد أبواب الله وسبله والدّعاة إلى الجنّة والقادة إليها والأدلاء عليها ، إلى يوم القيامة ، وقال النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله : أنا مدينة العلم. وعلىّ بابها. ولا تؤتى المدينة إلّا من بابها ويروى : أنا مدينة الحكمة.
وفي كتاب الاحتجاج (٥) ، للطبرسيّ ـ رحمه الله ـ عن الأصبغ بن نباتة. قال : كنت عند أمير المؤمنين ـ عليه السّلام. فجاءه ابن الكوّاء فقال : يا أمير المؤمنين! قول الله ـ عزّ وجلّ ـ (لَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها)».
فقال ـ عليه السّلام : نحن البيوت الّتي أمر الله أن تؤتى من أبوابها. نحن باب الله وبيوته الّتي يؤتى منها (٦). فمن بايعنا وأقرّ بولايتنا ، فقد أتى البيوت من أبوابها. ومن خالفنا وفضّل علينا غيرنا ، فقد أتى البيوت من ظهورها. إنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ لو شاء عرّف النّاس
__________________
(١) مجمع البيان ١ / ٢٨٤.
(٢) كذا في النسخ. وفي المصدر : ينقبون. (ظ)
(٣) المصدر : البيوت.
(٤) المصدر : تأتوا.
(٥) الاحتجاج ١ / ٣٣٨.
(٦) المصدر : منه.