صلّى الله عليه وآله ـ بعدها أبدا. فجمع الله ـ عزّ وجلّ ـ له ذلك كلّه في سفرة واحدة ، ليكون جميع ذلك سنّة لأمّته فلمّا طاف بالبيت وبالصّفا والمروة ، أمره جبرئيل ـ عليه السّلام ـ أن يجعلها عمرة إلّا من كان معه هدى ، فهو محبوس على هديه ، لا يحلّ قوله (١) ـ عزّ وجلّ : (حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) فجمعت له العمرة والحجّ. وكان خرج على خروج العرب الأوّل. لأنّ العرب كانت لا تعرف الا الحجّ. وهو في ذلك ينتظر أمر الله ـ عزّ وجلّ.
وهو يقول ـ عليه السّلام : النّاس على أمر جهالتهم (٢) ، إلّا ما غيّره الإسلام. وكانوا لا يرون العمرة في أشهر الحجّ. فشقّ على أصحابه حين قال : «اجعلوها عمرة.» لأنّهم كانوا لا يعرفون العمرة في أشهر الحجّ. وهذا الكلام من رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ إنّما كان في الوقت الّذي أمرهم فيه بفسخ الحجّ. وقال : «دخلت العمرة في الحجّ إلى يوم القيامة.» وشبك بين أصابعه ، يعني : في أشهر الحجّ (٣).
قلت : فيتعبّا (٤) بشيء من امر الجاهليّة؟
قال إنّ الجاهليّة (٥) ضيّعوا كلّ شيء من دين (٦) ابراهيم ـ عليه السّلام ـ إلّا الختان والتّزويج والحجّ. فإنّهم تمسّكوا به. ولم يضيّعوها.
(فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً) مرضا يحوجه إلى الحق ، (أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ) من جراحة وقمل.
(فَفِدْيَةٌ) : فعليه فدية إن حلق ، (مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) : بيان لجنس الفدية.
وأمّا قدرها ، ففي الكافي (٧) : عليّ عن أبيه ، عن حمّاد ، عن حريز ، عمّن أخبره ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : مرّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ على كعب بن عجرة والقمل يتناثر من رأسه وهو محرم. فقال له : أتؤذيك هو امّك؟ فقال : نعم.
فأنزلت هذه الآية : (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ).
__________________
(١) المصدر : لقوله. (ظ)
(٢) كذا في النسخ. وفي المصدر : جاهليتهم. (ظ)
(٣) بعد هذه العبارة توجد في أ : وهذا الكلام من رسول الله ـ صلى الله عليه وآله.
(٤) المصدر : أفيعتد.
(٥) فقال : إن أهل الجاهلية.
(٦) المصدر وأ : دون.
(٧) الكافي ٤ / ٣٥٨ ، ح ٢.