فقال أبي : ما وقف بهذا الموقف أحد إلّا غفر الله له ، مؤمنا كان أو كافرا ، إلّا أنّهم في مغفرتهم على ثلاث منازل ـ إلى قوله ـ ومنهم من غفر الله له ما تقدّم من ذنبه ، وقيل له أحسن فيما بقي من عمرك. وذلك قوله تعالى : (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) ، يعني : من مات قبل أن يمضي فلا إثم عليه. ومن تأخّر فلا إثم عليه لمن اتّقى الكبائر.
عدّة من أصحابنا (١) ، عن أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن الحكم ، عن داود بن النّعمان ، عن أبي أيّوب قال : قلت لأبي عبد الله ـ عليه السّلام : إنّا نريد أن نتعجّل السّير وكانت ليلة النّفر حين سألته ، فأي ساعة ننفر؟
فقال لي : أمّا اليوم الثّاني فلا تنفر حتّى تزول الشّمس وكانت ليلة النّفر. وأمّا اليوم الثّالث ، فإذا ابيضّت الشّمس فانفر على بركة الله. فإنّ الله تعالى يقول : (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ). فلو سكت لم يبق أحد إلّا تعجّل. ولكنّه قال : (وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ).
حميد بن زياد (٢) ، عن الحسن بن محمّد بن سماعة ، عن أحمد بن الحسن الميثميّ ، عن معاوية بن وهب ، عن إسماعيل بن نجيح (٣) الرّماح قال كنّا عند أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ بمنى ليلة من اللّيالي. فقال : ما يقول هؤلاء؟ فيمن (٤) تعجّل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخّر فلا إثم عليه.
قلنا : ما ندري.
قال : بلى. يقولون : من تعجّل من أهل البادية ، فلا إثم عليه. ومن تأخّر من أهل الحضر ، فلا إثم عليه. وليس كما يقولون. قال الله ـ جلّ ثناؤه ـ (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ). ألا لا إثم عليه. (وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ). ألا لا إثم عليه. (لِمَنِ اتَّقى). إنّما هي لكم. والنّاس سواد. وأنتم الحاجّ.
عدّة من أصحابنا (٥) ، عن أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن عبد الأعلى قال : قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام : كان أبي يقول : «من أمّ هذا
__________________
(١) نفس المصدر ٤ / ٥١٩ ، ح ١.
(٢) نفس المصدر ٤ / ٥٢٣ ، ح ١٢.
(٣) ر : النجيح.
(٤) أ : فمن.
(٥) نفس المصدر ٤ / ٢٥٢ ، ح ٢.