(رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى؟ قالَ : أَوَلَمْ تُؤْمِنْ؟ قالَ : بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) على الخلّة.
(قالَ : فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ. فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ. ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً. ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً. وَاعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).
فأخذ إبراهيم ـ عليه السّلام ـ نسرا وبطّا (١) وطاوسا وديكا. فقطّعهنّ. وخلطهنّ.
ثمّ جعل على كلّ جبل من الجبال الّتي (٢) حوله. وكانت عشرة منهنّ جزء. وجعل مناقيرهنّ بين أصابعه. ثمّ دعاهنّ بأسمائهنّ. ووضع عنده حبّا وماء. فتطايرت تلك الأجزاء ، بعضها إلى بعض ، حتّى استوت الأبدان. وجاء كلّ بدن حتّى انضمّ إلى رقبته ورأسه.
فخلّى إبراهيم عن مناقيرهنّ. فطرن. ثمّ وقعن. فشربن من ذلك الماء. والتقطن من ذلك الحبّ. وقلن : يا نبيّ الله! أحييتنا ، أحياك الله.
فقال إبراهيم ـ عليه السّلام : بل الله يحيي ويميت. وهو على كلّ شيء قدير.
قال المأمون : بارك الله فيك ، يا أبا الحسن!
وفيه (٣) ، في باب استسقاء المأمون بالرّضا ـ عليه السّلام ـ بعد جرى كلام بين الرّضا ـ عليه السّلام ـ وبعض أهل النّصب ، من حجّاب المأمون ـ لعنهم الله : فغضب الحاجب عند ذلك فقال : يا ابن موسى! لقد عدوت طورك وتجاوزت قدرك. إن بعث الله تعالى بمطر يقدر (٤) وقته ، لا يتقدّم ولا يتأخّر ، جعلته آية تستطيل بها ، وصولة تصول بها ، كأنّك جئت بمثل آية الخليل إبراهيم ـ عليه السّلام ـ لمّا أخذ رؤوس الطّير بيده ، ودعا أعضاءها الّتي كان فرّقها على الجبال ، فأتينه سعيا ، وتركبن على الرّؤوس ، وخفقن وطرن بإذن الله ـ عزّ وجلّ. فإن كنت صادقا فيما توهّم ، فأحي هذين وسلّطهما عليّ. فإنّ ذلك يكون حينئذ آية معجزة. فأمّا ماء المطر المعتاد ، فلست أنت أحقّ بأن يكون جاء بدعائك من غيرك الّذى دعا كما دعوت.
وكان الحاجب أشار إلى أسدين مصوّرين على مسند المأمون الذي كان مستندا إليه. وكانا متقابلين على المسند.
فغضب عليّ بن موسى الرّضا ـ عليه السّلام. وصاح بالصّورتين : دونكما الفاجر.
__________________
(١) ليس في المصدر. وفي أ : بطّا وطائرا.
(٢) هكذا في أو المصدر. وفي الأصل ور : حولها.
(٣) عيون أخبار الرضا ٢ / ١٦٨ ، ح ١.
(٤) المصدر : مقدّر.