وكذلك : «مررت بالرجل الحسن وجه» ، لم يجز لأنه عكس الإضافة ، أعني إضافة المعرفة إلى النكرة ، والباب إضافة النكرة إلى المعرفة وأيضا فإنّ الألف واللام ليس لها ما تكون عوضا منه.
وأما «مررت برجل حسن وجهه» ، بالخفض والنصب ، و «مررت بالرجل الحسن وجهه» ، بالنصب ، فلم يجز إلّا في الضرورة لأنّه يؤدّي إلى تكرار الضمير.
وأما الخلاف الذي ذكرناه في معمول الصفة إذا كان مرفوعا ، وليس فيه إضافة إلى الضمير ، فسببه أنّ الصفة لا بدّ فيها من ضمير يعود على الموصوف ، فإذا قلت : «مررت برجل حسن الوجه» ، فالضمير على مذهبنا محذوف لفهم المعنى ، كأنّك قلت : الحسن الوجه منه.
ومذهب أهل الكوفة أن الألف واللام عوض من الضمير ، والأصل عندهم : «مررت بالرجل الحسن وجهه» ، فأدخلت الألف واللام على «الوجه» ، وصارت عوضا من الضمير ، وهذا فاسد ، لأنّه لا وجه لإدخال الألف واللام على المعرفة ، وأما على مذهبنا فإنّما أدخلناها على النكرة ، والأصل : «مررت برجل حسن وجه منه» ، ثم أدخلت الألف واللام وحذفت الضمير لفهم المعنى. ولما كان حذف الضمير من الصفة قليلا حمله الفارسي على أنّ «الوجه» بدل من الضمير الذي في الصفة حتى لا تخلو الصفة من ضمير. وهذا الذي حمل الفارسيّ على جعل «الوجه» بدلا من الضمير ينبغي أن لا يلتفت إليه ، لأنّه يلزمه أن يجعل «الوجه» بدلا من الضمير بدل بعض من كلّ ، ولا بد في بدل البعض من الكل من ضمير يعود على المبدل منه ، ولا يجوز حذفه إلا في قليل من الكلام. فإذا كان الوجهان كلاهما مفضيان إلى حذف الضمير مما لا يحذف منه إلا قليلا ، فلا فائدة في تكلّف الإضمار.
وينبغي أن يعلم أنّ الرفع في هذا الباب أحسن من النصب والخفض ، لأنّه هو الحقيقة وما عداه مجاز ، ثم يليه الخفض لأنها إذا خفضت ما بعدها كانت في اللفظ غير عاملة ، فقربت من الأصل ، ثم النصب إلّا أن يكون النصب على التمييز لأنّه في رتبة الرفع.
والأصل هذا ما لم يؤدّ الرفع إلى حذف الضمير ، لأنّه يكون إذ ذاك دون النصب والخفض.
والأحسن في معمول هذه الصفة أن يكون معرّفا بالإضافة إلى الضمير ، لأنّه هو الأصل