ما لم يؤدّ إلى تكرير الضمير ، ثم يليه التعريف بالألف واللام لأنّه يشبه الأصل في أنّ معموله معرّف ، ثم التنكير.
فعلى هذه القوانين المتقدّمة تعتبر مسائل هذا الباب في الجودة ، والرداءة : فأما قول أبي القاسم الزجاجي : والوجه الحادي عشر أجازه سيبويه رحمهالله وحده ... ففاسد من غير وجه.
أما سيبويه فلم يجز ذلك بل قال : وقد جاء في الشعر : «حسنة وجهها» ، فقصره على الشعر كما ترى.
وأما قول أبي القاسم : وخالفه في ذلك جميع النحويين من البصريين والكوفيين ، فباطل بل لا يحفظ لأحد من النحويين خلاف لسيبويه في ذلك إلا للمبرد ، فإنّه خالفه فيما ادعى سيبويه رحمهالله من مجيء ذلك في الشعر ، وتأوّل البيت على خلاف ما حمله عليه سيبويه رحمهالله ، وأنا أذكره بعد إن شاء الله تعالى.
وقوله : «لأنّه قد أضاف الشيء إلى نفسه» ، فاسد ، لأنّ إضافة الشيء إلى نفسه في هذا الباب لا تتصوّر إلّا أن تكون الإضافة من رفع ، وما ذكره سيبويه فالإضافة فيه من نصب. فتبيّن أنّه ليس من إضافة الشيء إلى نفسه ، والدليل على ما ذكره سيبويه من أنّ الإضافة فيه من نصب قوله : «وقد جاء في الشعر : حسنة وجهها» ، فباطل أن تكون الإضافة هنا من رفع ، لأنّه لو كان كذلك لوجب أن تكون «حسن وجهها» ، لأنّ الصفة إذا رفعت الظاهر كانت على حسبه من تذكير وتأنيث ، وإذا رفعت المضمر كانت على حسبه ، فدلّ ذلك على أنّ في «حسن» من قولك : «مررت بامرأة حسن وجهها» ضميرا يعود على «امرأة» ، ويكون «وجهها» إذ ذاك في موضع نصب. واستدلّ سيبويه رحمهالله على مجيء ذلك في الشعر بقوله [من الطويل] :
٤٠٧ ـ أمن دمنتين عرّج الركب فيهما |
|
بحقل الرخامي قد عفا طللاهما |
أقامت على ربعيهما جارتا صفا |
|
كميتا الأعالي جونتا مصطلاهما |
__________________
٤٠٧ ـ التخريج : البيتان للشماخ في ديوانه ص ٣٠٧ ـ ٣٠٨ ؛ وخزانة الأدب ٤ / ٢٩٣ ؛ والدرر ٥ / ٢٨١ ؛ وشرح أبيات سيبويه ١ / ٧ ؛ وشرح المفصل ٦ / ٨٣ ، ٨٦ ؛ والصاحبي في فقه اللغة ص ٢١٠ ؛ والكتاب ١ / ١٩٩ ؛ والمقاصد النحوية ٣ / ٥٨٧ ؛ وهمع الهوامع ٢ / ٩٩ ؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب ٨ / ٢٢٠ ، ٢٢٢ ؛ والمقرب ١ / ١٤١.
اللغة : الربعان : الدار والمنزل. الصفا : الصخر الأملس ، والجارتان هما الأثفيتان. الكميت : اللون بين الأسود والأحمر. الجونة : السواد. المصطلى : موضع احتراق النار.