وكذلك إذا وقع بعد فعل الجزاء فعل آخر ، فلا يخلو أن يكون في معناه أو لا يكون. فإن لم يكن ، لم يجز إلّا الرفع على معنى الحال. فإن كان في معناه ، جاز فيه وجهان : الرفع على معنى الحال ، والجزم على البدل ، نحو قوله : (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ)(١).
والشاهد (٢) في قوله [من الطويل] :
٥٨٥ ـ ومهماتكن عند امرىء من خليقة |
|
ولو خالها تخفى على الناس تعلم |
__________________
(١) سورة الفرقان : ٦٨ ـ ٦٩.
(٢) هذا الشاهد والشواهد الثلاثة التالية أوردها الزجاجي وختم بها الباب.
٥٨٥ ـ التخريج : البيت لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص ٣٢ ؛ والجنى الداني ص ٦١٢ ؛ والدرر ٤ / ١٨٤ ، ٥ / ٧٢ ؛ وشرح شواهد المغني ص ٣٨٦ ، ٧٣٨ ، ٧٤٣ ؛ ومغني اللبيب ص ٣٣٠ ؛ وبلا نسبة في شرح الأشموني ٣ / ٥٧٩ ؛ ومغني اللبيب ص ٣٢٣ ، وهمع الهوامع ٢ / ٣٥ ، ٥٨.
اللغة وشرح المفردات : الخليقة : الطبيعة. خالها : ظنّها.
المعنى : إذا كان عند امرىء خصلة من الخصال ، وظنّ أنّها تخفى على الناس فإنها لا بدّ ستظهر وسيعرفونها.
الإعراب : ومهما : الواو حرف استئناف ، «مهما» : منهم من يعتبرها حرف شرط جازما ، ومنهم من يعتبرها اسم شرط جازما مبنيّا في محلّ رفع مبتدأ أو في محل نصب خبر «تكن». تكن : فعل مضارع تام مجزوم بالسكون ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره «هي» ، أو فعل مضارع ناقص مجزوم بالسكون ، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره «هي». عند : ظرف مكان متعلّق بخبر «تكن» المحذوف ، أو متعلّق بـ «تكن» ، وهو مضاف. امرىء : مضاف إليه مجرور بالكسرة. من : حرف جرّ زائد. خليقة : اسم مجرور لفظا مرفوع محلّا على أنّه اسم «تكن» ، أو فاعل «تكن». وإذا اعتبرت «من» حرف جرّ غير زائد فالجار والمجرور متعلّقان بمحذوف حال من الضمير المستتر. ولو : الواو : حرف عطف أو حاليّة. «لو» : حرف وصل لا يحتاج إلى جواب. خالها : فعل ماض مبنيّ على الفتح ، وهو فعل الشرط ، والهاء : ضمير متّصل مبنيّ في محلّ نصب مفعول به. وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : «هو». تخفى : فعل مضارع مرفوع بالضمّة المقدّرة على الألف للتعذّر. على : حرف جرّ. الناس : اسم مجرور بالكسرة. والجار والمجرور متعلّقان بالفعل «تخفى». تعلم : فعل مضارع للمجهول مجزوم لأنّه جواب الشرط ، وعلامة جزمه السكون وحرّك بالكسر للضرورة الشعريّة ؛ ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هي.
وجملة «مهما تكن ...» استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة «لو خالها ...» في محل نصب حال. وجملة «تخفى» في محل نصب مفعول به ثان لـ «خالها». وجملة «تعلم» لا محلّ لها من الإعراب لأنّها جواب لشرط جازم غير مقترن بالفاء أو بـ «إذا». وجملة فعل الشرط وجوابه في محلّ رفع خبر للمبتدأ «مهما».
الشاهد فيه قوله : «مهما تكن .. تعلم» حيث جزم الفعلين «تكن» و «تعلم» بـ «مهما».