لكل من ذكر في نفسه صفات ، فأنكرتها عليه ، فتقول له : من أنت زيدا. أي : أنت بمنزلة الذي قيل له : «من أنت زيدا».
وأما «كليهما وتمرا» (١) ، فمنصوب بإضمار فعل لا يجوز إظهاره. وأصله أنّ إنسانا خيّر بين شيئين ، فطلبهما ، وطلب معهما تمرا ، ثم استعمل لمن خيّر بين شيئين فطلبهما جميعا. وتقدير الفعل المضمر : أعطني كليهما وزدني تمرا. ولا يظهر لأنّه كلام جرى مجرى المثل ، والأمثال لا تغيّر.
وأما «هذا ولا زعماتك» ، فمنصوب بفعل مضمر من لفظه ، كأنّك قلت : ولا أزعم زعماتك ، أي : هذا هو ولا أزعم زعماتك. ولم يظهر الفعل لأنّه جرى مجرى المثل في كثرة استعماله.
وأما «نعمة عين» و «كرامة ومسرة» فأسماء موضوعة موضع المصادر. منصوبات بفعل مضمر من لفظها لا يجوز إظهاره. فإذا قيل لك : افعل كذا ، فتقول له : «نعما عين» ، أي : وأنعم به عينك إنعاما. فوقع «نعما» وأخواته موقع «إنعام». وكذلك «مسرة» ، أي : أسرّك به مسرة وكرامة ، أي : أكرمك بفعله كرامة. وإنّما لم تظهر هذه الأفعال لأنّها أجوبة ، والجواب مبنيّ على الاختصار ، ألا ترى أنّه يكون بالحروف مثل قولك لمن سألك : هل قام زيد؟ فتقول له : «نعم» ، إن قام ، أو : «لا» ، إن لم يقم. فناب «لا» مناب قولك : «لم يقم» ، وناب قولك «نعم» مناب قولك : «قام زيد» ، فلذلك لم يجز إظهار الفعل.
وأما «لا كيدا» ، و «لا رغما» ، و «لا غمّا» ، و «لا همّا» فمنصوبات بفعل مضمر من لفظهما لا يجوز إظهاره. وإنّما لم يجز إظهاره ، لأنّ ما قبله يدل عليه مثل قولك : «لا أفعل ولا كيدا» ، أي : لا أفعله ولا أكيده كيدا ، أي : لا أقاربه. ومعلوم أنه إذا قال : «لا أفعل كذا» أنّه قصد من الفعل ، وبالغ في ذلك ومن المبالغة في ذلك أن يقع منه المقاربة.
وكذلك «لا غمّا» ، و «لا همّا» ، و «لا رغما» ، أي : ولا أهمّ به هما ، ولا أرغمك به رغما ، ولا أغمّك به غمّا.
وأما قولك : «أتميميّا مرة وقيسيّا أخرى» ، فمنصوب بإضمار فعل لا يجوز إظهاره.
__________________
(١) هذا القول من أمثال العرب ، وقد تقدم تخريجه.