من مرفوع أو منصوب أو مخفوض. هذا هو الاختيار عندنا.
وقد يجوز لك أن تحذف معمول الثاني إذا لم يكن مرفوعا في ضرورة شعر كقوله [من مجزوء الكامل] :
٤٤٠ ـ بعكاظ يعشي النّاظري |
|
ن إذا هم لمحوا شعاعه |
فشعاعه فاعل بيعشي ، ومفعول لمحوا محذوف تقديره : إذا هم لمحوه.
وإن أعملت الثاني فلا يخلو الأول من أن يحتاج إلى مرفوع أو منصوب أو مخفوض فإن احتاج إلى غير مرفوع فلا يخلو أن يكون مما يجوز حذفه أو لا يكون. فإن كان مما يجوز حذفه حذفته وذلك نحو : ضربت وضربني زيد ، ولا يجوز إضماره قبل الذكر فتقول
__________________
٤٤٠ ـ التخريج : البيت لعاتكة بنت عبد المطلب في الدرر ٥ / ٣١٥ ؛ وشرح التصريح ١ / ٣٢٠ ؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ٧٤٣ ؛ والمقاصد النحوية ٣ / ١١ ؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٥ / ٢٨٤ ؛ وأوضح المسالك ٢ / ١٩٩ ؛ وشرح الأشموني ١ / ٢٠٦ ؛ وشرح ابن عقيل ص ٢٨٠ ؛ ومغني اللبيب ٢ / ٦١١ ؛ والمقرب ١ / ٢٥١ ؛ وهمع الهوامع ٢ / ١٠٩. وقبله قولها :
سائل بنا في قومنا |
|
وليكف من شرّ سماعه |
قيسا وما جمعوا لنا |
|
في مجمع باق شناعه |
اللغة والمعنى : عكاظ : سوق تجتمع فيه القبائل العربيّة فيتفاخرون ويتناشدون الشعر ويتبايعون ، وهو بين الطائف ونخلة. يعشي : يضعف البصر. لمحوا : نظروا بسرعة. شعاعه : هنا لمعانه.
تقول : إذا نظر القوم إلى سلاح قومي بعكاظ لزاغ بصرهم من شدّة لمعانه.
الإعراب : بعكاظ : جار ومجرور متعلّقان بقولها «جمعوا» الذي في البيت الذي قبل بيت الشاهد. يعشي : فعل مضارع مرفوع بالضمّة المقدّرة على الياء للثقل. الناظرين : مفعول به منصوب بالياء لأنّه جمع مذكر سالم. إذا : ظرف يتضمّن معنى الشرط متعلّق بجوابه. هم : ضمير منفصل في محلّ رفع فاعل لفعل محذوف يفسّره ما بعده ، أو توكيد للضمير المتّصل بالفعل المقدّر «لمحوا» الذي يفسّره ما بعده. لمحوا : فعل ماض ، والواو : فاعل. شعاعه : فاعل «يعشي» مرفوع ، وهو مضاف ، والهاء : في محلّ جرّ بالإضافة.
وجملة (يعشي الناظرين) الفعليّة في محل نصب حال من اسم الموصول «ما» في البيت السابق. وجملة (هم لمحوا) الفعليّة في محلّ جرّ بالإضافة. وجملة (... لمحوا) الفعليّة لا محلّ لها من الإعراب لأنّها تفسيريّة.
والشاهد فيه قوله : «يعشي الناظرين إذا هم لمحوا شعاعه» حيث تنازع الفعلان «يعشي» و «لمحوا» معمولا واحدا هو قوله : «شعاعه» ، فأعمل الشاعر العامل الأوّل ، فجعل «شغاعه» فاعلا ، وأعمل العامل الثاني في ضميره ، ثمّ حذف هذا الضمير ضرورة ، والتقدير : «يعشي الناظرين شعاعه إذا لمحوه» ، وهذا التقدير شاذّ لأنّ فيه تهيئة العامل للعمل ثمّ حذفه بلا سبب.