[٢ ـ عود الضمير على اللفظ] :
وقد يعود الضمير في هذا الباب على اللفظ لا على المعنى ، وذلك نحو : «ظننت وظننت زيدا قائما» ، المعنى : وظنني قائما ، فعاد الضمير على «قائم» الأول لفظا لا معنى ، ألا ترى أنّه لا يريد : وظنّني ذلك القائم المذكور ، لأنّ القائم المذكور هو زيد ، فلو كان الضمير عائدا عليه لفظا ومعنى لكان المعنى : وظنّني زيد نفسه ، وذلك لا يتصوّر.
ولما خفي هذا الوجه عن أبي الحسن بن الطراوة منع هذه المسألة لفساد معناها ، والدليل على أنّ الضمير يعود على الظاهر في اللفظ لا في المعنى قول الشاعر [من الطويل] :
٤٥٠ ـ أرى كلّ قوم قاربوا قيد فحلهم |
|
ونحن خلعنا قيده فهو سارب |
أراد : ونحن خلعنا فحلنا فهو سارب ، فعاد الضمير على «الفحل» المتقدم الذكر
__________________
٤٥٠ ـ التخريج : البيت للأخنس بن شهاب التغلبي في شعراء النصرانية ص ١٨٧ ؛ ولسان العرب ١ / ٤٦٢ (سرب) ؛ وتاج العروس ٣ / ٥٣ (سرب) ؛ وتهذيب اللغة ١٢ / ٤١٤ ؛ وجمهرة اللغة ص ٣٠٩ ؛ والتنبيه والإيضاح ١ / ٩٤ ؛ وبلا نسبة في لسان العرب ٨ / ٧٦ (خلع) ؛ وكتاب العين ١ / ١١٨ ؛ وتاج العروس ٢٠ / ٥٢٦ (خلع).
اللغة : قاربوا : أدنوا ، جعلوه قريبا منهم. السارب : المتروك للرعي.
المعنى : أرى الأقوام حريصة على فحولها ، فهي تقيدها بأماكن قريبة منها ، بينما نطلق فحلنا يرعى كيف شاء ، لا نخاف عليه أحدا ، لأننا أقوياء.
الإعراب : أرى : فعل ماض مبني على الفتح المقدّر على الألف ، و «الفاعل» : ضمير مستتر تقديره (أنا). كل : مفعول به منصوب بالفتحة. قوم : مضاف إليه مجرور بالكسرة. قاربوا : فعل ماض مبني على الضم ، و «الواو» : ضمير متصل في محلّ رفع فاعل ، و «الألف» ؛ للتفريق. قيد : مفعول به منصوب بالفتحة. فحلهم : مضاف إليه مجرور بالكسرة ، و «هم» : ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. ونحن : «الواو» : حالية ، «نحن» : ضمير منفصل في محلّ رفع مبتدأ. خلعنا : فعل ماض مبني على السكون ، و «نا» : ضمير متصل في محلّ رفع فاعل. قيده : مفعول به منصوب بالفتحة ، و «الهاء» : ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. فهو : «الفاء» : للاستئناف ، «هو» : ضمير منفصل في محلّ رفع مبتدأ. سارب : خبر (هو) مرفوع بالضمّة.
وجملة «أرى» : ابتدائية لا محلّ لها. وجملة «قاربوا» : في محلّ نصب حال. وجملة «نحن خلعنا» : في محلّ نصب حال. وجملة «خلعنا» : في محلّ رفع خبر (نحن). وجملة «هو سارب» : استئنافية لا محلّ لها.
والشاهد فيه قوله : «خلعنا قيده» حيث عاد الضمير (الهاء) على (فحلهم) ، وهو غير المطلوب حقيقة.