فإذا قرب المركب ركب المبشرون الصنابيق للقاء المركب ، فإذا قربوا من المركب صعدوا وسلموا إلى الناخوذة ويسألونه من أين وصل؟ ويسألهم الناخوذة عن البلد ومن الوالى وسعر البضائع؟ وكل من يكون له فى البلد أهل أو معارف من أهل المراكب إما أن يهنوه أو يعزوه له وعليه ، ويقدم مبشر نحو الناخوذة ويكتب اسم الناخوذة وأسماء التجار ويكون الكرانى قد كتب جميع ما فى بطن المركب من متاع وقماش فيسلم إليهم الرقعة ، وينزل المبشرون فى الصنابيق راجعين إلى البلد كلهم رأسا واحدا إلى الوالى ويعطونه رقعة الكرانى مع ما كتبوه من أسماء التجار ويحدثونه بحديث المركب ومن أين وصل وما فيه من البضائع ، ويخرجون من عنده يدورون فى البلد يبشرون أهل من وصل بجمع الشمل ويأخذ كلّ بشارته.
فإذا وصل المركب المرسى وأرسى تقدم إليهم نائب السلطان ويصعد المفتش يفتش رجلا بعد رجل ، ويصل التفتيش إلى العمامة والشعر والكمين وحزة السراويل وتحت الآباط ويضرب بيده على حجرة الإنسان ويدخل يده بين أليتيه ويشتمه على قدر المجهود ، وكذلك عجوز تفتش النساء تقرب بيدها فى أعجازهن وفروجهن.
فإذا نزلت التجار إلى البلد نزلوا بدبشهم من الغد ، وبعد ثلاثة أيام تنزل الأقمشة والبضائع إلى الفرضة تحل شدة شدة وتعد ثوبا ثوبا ، وإن كان من بضائع البهار يوزن بالقبّان ويضرب فى جميع ما أشكل عليهم الشبح لئلا يبقى شىء وقد عاهدوا الله عزوجل أن يبذلوا المجهود قدام المشائخ.
قال ابن المجاور : وحينئذ يظهر على التاجر الحراف ويقتله الحزن ويبقى فى وادى الدبور بما يعملون معه من الفعل الذى يطير منه البركة والسعادة.