الكتب أن ما يخرب سد مأرب إلا فأر أنيابه من حديد ، وأريد منك إذا دخلنا يوم الأحد إلى الدير والكنائس والناس فيه مجتمعون فقم إلىّ وشاكلنى فى أمر من الأمور وطوّل لسانك علىّ ، فإذا رأيت الأمر قد طال فقم إلىّ والطمنى براحة كفك على خدى.
قال النعمان : وكيف يمكن ذلك؟ قال : يا بنى افعل ما أمرتك به ، لأن لى فيه رأيا ، ولك فيه مصلحة ، ففعل الولد ما أمره به والده.
فلما لطم الشيخ غضب الشيخ ، فمن الحين سمى الملطوم ، فقام الشيخ بين الجميع وقال : يا وجوه العرب ، ما بقى لى معكم سكن ، فقالوا له : ولم؟ قال : وكيف أقيم وصبى كسر حشمتى بينكم وحرمتى!.
ومن ساعته نادى على السد فتألبت والتأمت قبائل العرب فى شراه ، قالوا : بكم؟
قال : تغمدوا سيفى هذا! وغرس ذؤاب سيفه على الأرض وصارت العرب تنقل الذهب والفضة والمصاغ إليه ، وما زالوا على حالهم يصبون الذهب إلى غمد سيفه بالذهب ، فأخذ الشيخ المال وصعد الجبل وسكن مقابل السد ، والجبل يسمى جبل حقا ، وهو وأهله فيه ينتظرون خراب السد ، ولما تمكن الفأر من السد وخرقه أخربه وضرب السيل (١).
حدثنى سلامة بن محمد بن حجاج قال : لما دفع السد أخذ الماء فى جملة ما أخذ ألف صبى أمرد على ألف حصان أبلق غير البيض والشقر والدهم والخضر ، كما قال :
__________________
(١) أورد ابن كثير هذه القصة فى البداية والنهاية ، المجلد الأول ، بصورة أكثر إيضاحا.