فارِهِينَ)(١) ويقال : إنه كان يلين لهم الحجر فى العام شهر زمان ، والأصح عشرة أيام ، ففى هذه المدة كانوا يعملون منه ما أرادوا ، فلما كفروا نعمة الله ، عزوجل ، خسف بهم وتفرق شملهم وتشتتوا فى أقاصى الربع المسكون وأدانى البحر المعمور ، شرقا وغربا وشمالا وجنوبا ، كما قال أبو نواس ، الحسن بن هانئ ، المعروف بالمذحجى ، فى ذلك :
فى فتية كالسيوف هزّهم |
|
شرخ شباب وزانهم أدب |
لما أراب الزمان فاقتسموا |
|
أيدى سبا فى البلاد فانشعبوا |
لم يخلف الدهر مثلهم أبدا |
|
على هنات لشأنهم عجب |
لما تيقنت أن روحهم |
|
ليس لها ما حييت منقلب |
أبليت صبرا لم يبله أحد |
|
وأقسمتنى مأرب شعب |
فرجعت الدور قبورا والمساكن مساكن فارتدمت بعضها على بعض ، وتقلعت النخيل والأشجار وطلع بدله العشب والأراك وسكنت البدوان ببيوتها الشعر ، وصارت الإبل ترعى بين عامر الخراب وتشرب ظباؤها من الندا والسراب ، لبئس الشراب وساءت مرتفقا ، كما قال بعضهم فى المعنى :
يا صاحبىّ قفا المطىّ قليلا |
|
يشفى العليل من الديار غليلا |
هذى طلولهم أطلن صبابتى |
|
وتركن قلبى من عراى طلولا |
ولئن خلت منهم مرابعهم فقد |
|
غادرن قلبى بالغرام أهيلا |
لو أن عيسهم غداة رحيلهم |
|
حمّلن وجدى ما أطقن رحيلا |
__________________
(١) الآية : ١٤٩ من سورة الشعراء ، وقد وردت فى الأصل : (... بُيُوتاً آمِنِينَ) وهو تداخل مع الآية : ٨٢ من سورة الحجر.