لم تجر فيه صلاة ، لأن أمير المؤمنين ، أبا بكر الصديق (١) رضى الله عنه بعث بجيش إلى هذه الأعمال فعصت أهل هذه القرية عليهم ، فلما انتصروا على أهل القرية ركبوا السيف على أهلها فما زالوا يقتلون فيهم إلى أن جمد الدم فيهم قدر قامة ، فلم يسلم من القوم إلا قدر ثلاثمائة بنت بكر مخلخلات مدملجات ملبسات ، فتعقلن بجبل مقابل ، فلما رأى أهل الجبل ذلك أمهروهن وتزوجوهن فجاء من نسلهم المهرة.
وحدثنى أحمد بن على بن عبد الله الواسطى قال : إن أصل المهرة من بقية قوم عاد ، فلما أهلك الله تلك الأمم نجا هؤلاء القوم فسكنوا جبال ظفار وجزيرة سقطرى وجزيرة المصيرة ، وهم قوم طوال حسان لهم لغة منهم وفيهم ولم يفهمها إلا هم ، ويسمونهم السحرة ، وما اشتق اسم السحرة إلا من السحر لأن فيهم الجهل والعقل ومن الجنون ، يأكلون نعم الله بلا حمد ولا شكر ويعبدون غيره ، وهم فى هذه الديار يشبهون الدواب سائرين ملء تلك السهول شبه السيول والجبال شبه الخيال ، وفيهم يقول الشاعر :
كم توعظون ولا تغنى مواعظكم |
|
فالبهم يزجرها الراعى فتنزجر |
أراكم صور الناس الذين هم |
|
ناس ولكنكم فى فعلكم بقر |
لو كنتم بشرا كانت تنهنهكم |
|
نوائب الدهر إلا أنكم حمر |
__________________
(١) معلوم أن لقب : «أمير المؤمنين» أطلق لأول مرة على الخليفة الثانى ، عمر بن الخطاب ، أما أبو بكر الصديق ، رضى الله عنه ، فكان لقبه : خليفة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وقد استحدث لقب : أمير المؤمنين لصعوبة قول خليفة خليفة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، واستمر لقب «أمير المؤمنين» بعد ذلك إلى انتهاء الخلافة الإسلامية.