والملوحات ، وهم فى لعب وضحك وشرب ، ويعمل من التمر والبر والرطب نبيذ يسمى الفضيخ يصح عمله فى يوم وليلة ويشرب النساء مع الرجال ، ويقولون : إنه ينفع ، لكن مضرته أكثر من نفعه (١) وأول من عمله فى هذه البلاد رجل من أهل الشام ، ويحصل منه كل عام تسعين ألف دينار غير الذى يصل إلى الخزانة وعمال السلطان ونواب الديوان وغير النخيل السلطانية والأوقاف وغير الذى لأرباب الجاهات وأصحاب الدولة ، يصح من جميع ما ذكرناه مائة وثلاثون ألف دينار ، وكان ضمانه فى دولة الحبشة وأيام بنى المهدى كل عام سبعون ألف دينار ، وما يأخذونه نقدا ، بل تمرا ، ويخرج حوالات والصرف ثلاثة جوز درهم ، وكل أربعة دراهم دينار ، وكل أربعة دنانير ونصف بدينار أحمر.
وما رجع خراج النخل كذا إلا أن سيف الإسلام أوصى طغتكين بن أيوب بالعدل على أهل الحرث والظلم على أهل النخل ، فهو الذى ابتدى بهم من عهده ، فقيل له فى ذلك فقال : إن الفلاح يحرث ويسقى ويبذر ويحصد ويعزق ويذرى فى الهوى ويجد مشقة عظيمة فالواجب أن يرفق بهم [أما] أصحاب النخل فإنهم يجنون الثمرة من العام إلى العام بلا عناء ولا تعب كما قال الله تعالى : (وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ)(٢) وكل نخل يهرب منه صاحبه يأخذه السلطان على كيسه بالخراج الذى عليه له ، وكل نخل يأخذه السلطان يسمى الصوافى ، أى يصفى لبيت المال.
__________________
(١) يراجع هذا الموضوع بتوسع فى كتاب : «الأشربة وذكر اختلاف الناس فيها» لابن قتيبة ، تحقيق / ممدوح حسن محمد ، من إصدارات : «مكتبة الثقافة الدينية».
(٢) الآية : ١٠ من سورة ق.