شركة المفاوضة أن يكون مالهما من كل شيء يملكانه بينهما.
وأما شركة الوجوه فقد فسرت بمعان ، أشهرها أن يشترك اثنان وجيهان عند الناس لا مال لهما ، ليبتاعا في الذمة إلى أجل على أن ما يبتاعه كل واحد منهما يكون بينهما ، فيبيعاه ويؤديا الأثمان ، فما فضل فهو بينهما ، وقيل : أن يبتاع وجيه في الذمة ويفوض بيعه الى خامل ، ويشترطان أن يكون الربح بينهما ، وقيل ان يشترك وجيه لا مال له ، وخامل ذو مال ليكون العمل من الوجيه والمال من الخامل ، ويكون المال في يده لا يسلمه الى الوجيه ، والربح بينهما ، وقيل : أن يبيع الوجيه مال الخامل بزيادة ربح ، ليكون بعض الربح له ، ولا يصح شيء من أنواع الشركة سوى شركة العنان انتهى كلامه (قدسسره).
والكلام هنا يقع في مواضع الأول ـ أن ما ذكره من أنه لا يصح شيء من هذه الأنواع سوى شركة العنان هو المشهور بين الأصحاب ، وقال ابن الجنيد : لو اشترك رجلان بغير رأس مال على أن يشتريا ويبيعا بوجههما جاز ذلك ، ولو اشترك رجلان وكان من عند أحدهما بذر وبقر ، وعلى الأخر العمل والخراج ، كانت الشركة جائزة بينهما ، ولو اشترك رجلان على أن يعملا عملا لكل واحد منهما فيه عمل منفرد (١) أو أن يكون يداهما جميعا في العمل ، وتقسم الأجرة بينهما لم يجز ذلك ، لان الأجرة عوض عن عمل ، فإذا لم يتميز مقدار عمل كل واحد منهما لم آمن أن يلحق أحدهما غبن أو أن يأخذ ما لا يستحقه ، فان تتاركا الفضل وتحالا ، أو يضمن أحدهما بالعمل ثم قسمه على الأخر من غير شركة جاز انتهى.
وهو ظاهر في جواز شركة الوجوه ، وشركة الأبدان على التفصيل المذكور :
__________________
(١) قال في المسالك : لا خلاف عندنا في بطلان شركة الأعمال الا من ابن الجنيد حيث أجازها مع تشاركهما الفضل أو عمل أحدهما وقسمته على الأخر من غير شركة ، مع أنه راجع الى بطلانهما لان تداركهما الفضل بعد مزج الأجرتين وتحالهما أمر خارج عن صحة هذه الشركة وكذا لو تبرع أحدهما عن الأخر بمشاركته في أعماله انتهى. وهو جيد. منه رحمهالله.