ولا إبراء ، وعموم الآية والاخبار الدالة على جواز الصلح بين المسلمين مخصص بما لا غرر فيه ولا جهالة ، للنهى عن ذلك في الخبر كما عرفته.
الرابعة ـ أن يكون مجهولا عندهما ، والعلم به ممكن في الجملة ، لكنه متعذر لعدم الميزان والمكيال في الحال ، ومساس الحاجة الى الانتقال ، وقد استقرب جمع من الأصحاب منهم الشهيد (قدسسره) في الدروس والشيخ المقداد في التنقيح والشهيد الثاني في المسالك صحة الصلح ، والحال هذه ، ووجهه تعذر العلم به في الحال مع اقتضاء الضرورة ، ومساس الحاجة لوقوعه ، والتضرر بتأخيره وانحصار الطريق في نقله فيه مع تناول عموم الآية ، والاخبار السالفة.
ومن هذا القبيل أيضا الصلح على نصيب شخص من ميراث أو عين يتعذر العلم بقدره في الحال ، مع إمكان الرجوع في وقت آخر إلى فرضي أو عالم به مع مسيس الحاجة الى نقل النصيب في الحال.
الخامسة ـ أن يكون مجهولا عند المستحق ومعلوما عند الأخر ، وهو من عليه الحق ولم يعلمه بقدره ، وصالحه بأقل من حقه ، وذلك كتركة موجودة يعلمها الذي هو في يده ويجهلها الأخر ، وكذا كل من له نصيب من ميراث أو غيره لا يعلم به ، ويعلم به خصمه إذا صالحه بأقل منه من غير اعلامه ، سواء كان من عليه الحق منكرا ظاهرا أو مقرا بمقدار ما صالح به أو أقل منه ، فان الصلح حينئذ غير صحيح ، والمعاوضة في نفس الأمر باطلة ، والواجب عليه اعلام صاحب الحق ، فإن رضي بالصلح بالأقل ، والا وجب إيصال حقه اليه بتمامه ، فأما الصلح قبل الاعلام فهو حرام ، لا يثمر تمليكا ـ لو كان المدعى عينا ـ ولا إبراء من الباقي لو كان دينا حتى لو صالح على العين بمال آخر فهي بأجمعها في يده مغصوبة ، ولا يستثني له مقدار ما دفع ، لعدم صحة المعاوضة في نفس الأمر.
والذي يدل على عدم صحة هذا الصلح وجوازه ـ مضافا الى ما فيه من الغرر والخدع المنهي عنه وكونه من قبيل الصلح الذي أحل حراما وحرم حلالا ـ ما رواه على بن أبي حمزة (١) قال : «قلت لأبي الحسن» (عليهالسلام) : رجل يهودي
__________________
(١) التهذيب ج ٦ ص ٢٠٦ ح ٣ ـ الوسائل ج ١٣ ص ١٦٦ ح ٢.