وأما قوله في الركن الثاني «وانما يعلم الرضا والاذن باللفظ الدال عليه» ، فقد عرفت ما فيه من أن الاذن لا ينحصر في اللفظ ، فضلا عن العقد المخصوص ، ثم لا يخفى أن الشركة بهذا المعنى الذي ذكره واعتبر فيه هذه الأركان الثلاثة وهي التي يبحث عنها في هذا الكتاب انما هي الشركة المسببة عن المزج ، دون غيرها مما كان سببه الميراث أو الحيازة أو العقد مع أن هذه الأفراد سيما الثالث منها مما دلت الاخبار عن جريان بعض أحكام الشركة فيه ، مثل كون الربح بينهما ، أو النقص عليهما ونحو ذلك.
ثم أنه لا يخفى أيضا أن الظاهر من كلامهم أن المراد بالشركة ـ ما امتزج من المالين واشتبه فيه التميز بين الحقوق بحسب الظاهر ، لا ما كان كذلك بحسب الواقع ونفس الأمر ، بمعنى أن يصير كل جزء جزء من ذلك المال المشترك كذلك في نفس الأمر : فإن الغالب من أسبابها المزج ، وقد صرح في التذكرة فيما قدمنا نقله عنه بان ذلك أعم من أن يكون في الأثمان ، أو العروض التي من ذوات الأمثال مثل الحنطة والدخن.
نعم قد يتحقق الاشتراك النفس الأمري في الميراث. وشراء شيء بالاشتراك ونحو ذلك ، ومن هنا يظهر من المحقق الأردبيلي المناقشة في اشتراط اتحاد الجنس ، حيث قال : فإن الشركة بالمعنى المتقدم (١) تجري في غير المتجانسين أيضا ، حيث ارتفع المائز ، وحينئذ فما ذكره في التذكرة في الركن الثالث في بيان المال الذي تجري فيه الشركة حيث اشترط تساوى الجنس في المال المشترك أثمانا وعروضا ـ محل تأمل ، فإنه متى ثبت أن الشركة تحصل بمجرد المزج الموجب لعدم تميز الحقوق ، وان لم يكن كذلك في نفس الأمر ، صح أيضا حصول الشركة في غير المتجانسين أيضا عند ارتفاع المائز ، وحصول الاشتباه ، وأيده أيضا بأن المدار في حصول الشركة على الاشتباه وهو حاصل في الموضعين فإنه قد يحصل التفاوت قيمة ووصفا في المتجانسين أيضا (٢) وهو واضح.
__________________
(١) ومراده بالمعنى المتقدم هو الشركة ظاهرا دون نفس الأمر. منه رحمهالله.
(٢) قوله قد يحصل التفاوت في المتجانسين الى آخره جواب عن سؤال مقدر وهو أن عدم حصول الشركة فيما لو كانا مختلفين غير متجانسين لحصول التفاوت قيمة ووصفا مع الاختلاف. منه رحمهالله.