وقد وقع الخلاف هنا في موضعين :
الأول ـ قال الشيخ في المبسوط : يصح ضمان النفقة الماضية والحاضرة للزوجة دون المستقبلة ، لأنها تجب بالتمكين ، ومتى ضمن النفقة فإنما يصح مقدار نفقة المعسر ، لأنها ثابتة لكل حال ، وأما الزيادة عليها الى تمام نفقة الموسر ، فهي غير ثابتة لأنها تسقط بإعساره ، وتبعه ابن البراج على ذلك.
وهذا الكلام غير خال من الأشكال بل الاختلال ، لأنه متى كان الذي يجب قضاؤه انما هو النفقة الماضية والحاضرة ، والزوج يضمن بنسبة حاله ، فأن كان موسرا ضمن نفقة الموسر ، وان كان معسرا ضمن نفقة المعسر ، ولا يسقط الزائد على نفقة المعسر بإعسار الموسر بعد وجوبه.
ولا يتم هذا الكلام الا على مذهب من يقول بضمان النفقة المستقبلة ، كما صرح به في المختلف حيث قال : وانما يتم ذلك على مذهب القائلين بصحة ضمان النفقة المستقبلة ، وقول الشيخ في المبسوط كأنه مذهب المخالف ، وتفريع على تسويغ ضمان النفقة المستقبلة ، وتبعه ابن البراج توهما أن ذلك فتواه. انتهى وما ذكره (قدسسره) جيد في حد ذاته ، الا أن تطبيق عبارة الشيخ عليه مشكل ، والحق أن كلامه (قدسسره) هنا في المبسوط لا يخلو عن سهو وغفلة ، لعدم ارتباط العبارة وانتظامها.
الثاني : قال ابن إدريس : في الموضع الذي يصح ضمانها فلا تصح الا أن تكون معلومة ، لأن ضمان المجهول على الصحيح من المذهب وعند المحصلين من أصحابنا لا يصح ، وهو ظاهر في عدم صحة ضمان النفقة مع مجهوليتها ، وعدم معلومية قدرها وكميتها ، وفيه ما يأتي تحقيقه ان شاء الله تعالى في هذه المسألة.
الرابعة : اختلف الأصحاب في ضمان المجهول ، والمراد به ما يمكن استعلامه بعد ذلك كما لو ضمن ما في ذمته ، أما لو لم يكن الاستعلام لم يصح الضمان قولا واحدا كما لو قال : ضمنت لك شيئا مما لك على فلان ، لصدق الشيء على القليل والكثير ، واحتمال لزوم أقل ما يتناوله الشيء كالإقرار ، يندفع بأنه ليس هو المضمون ، وان كان بعض أفراده.