وهو مشكل لمخالفة الأصل وكون هذه العلة ليست منصوصة وانما هي مناسبة ، انتهى وهو جيد.
والتحقيق أن يقال : ان مقتضى الأخبار المتقدمة في كتاب الوديعة هو قبول قول الأمين ، وعدم اتهامه فيما يقوله ، وان خالف الأصل ، وحينئذ يكون هذه الأخبار مخصصة لهذه القاعدة ، أعني قاعدة البينة على المدعي ، واليمين على المنكر والحكم متعلق بالأمين ودعيا كان أو مستعيرا ، أو وكيلا أو نحوهم ، ودعوى الفرق ـ بين الودعي وغيره ممن قبض لمصلحته ، كالمستعير والوكيل بجعل والمرتهن ـ فيه أولا ما ذكر من عدم الدليل على هذا التعليل ، وثانيا أن قبضه على أحد هذه الوجوه لا ينافي الايتمان الذي رتب عليه قبول قوله لأن الايتمان إنما هو عبارة عن الوثوق به في عدم الخيانة ، والمخالفة لأمر المالك ، وإدخال الضرر عليه ، فكل من دفع اليه المالك بهذا الوجه ودعيا كان أو مستعيرا أو وكيلا بجعل أو بغير جعل ، فإنه يقبل قوله ، بمقتضى تلك الأخبار ، ويؤيده أخبار «ما خانك الأمين ، ولكن ائتمنت الخائن». كما تقدم في كتاب الوديعة.
وخامسها ـ ما إذا فرط في العارية ثم تلفت ، فإنه ان كانت من ذوات الأمثال ضمن المثل بغير إشكال ، وان كانت من ذوات القيم فقد اختلف الأصحاب ـ في ذلك.
فقيل : ان الواجب عليه قيمتها يوم التلف ، وهو مختار الشرائع والمسالك وعلل بأن الواجب على المستعير مع بقاء العين ردها دون القيمة ، وانما ينتقل إلى القيمة مع التلف ، وحينئذ فالمعتبر القيمة وقت التلف.
وقيل : أن الواجب أعلى القيم من وقت التفريط الى وقت التلف ، وعلل بأن العين لما كانت مضمونة ، فكل واحدة من القيم المتعددة في وقت كونها مضمونة ، إذ معنى ضمان العين كانت لو تلفت ضمن قيمتها ، وهو حاصل في جميع الوقت ، فيضمن أعلى القيم لدخول الباقي فيها.
وقيل : المعتبر قيمتها وقت الضمان ، قال في المسالك. وموضع الخلاف ما