أحدهما لم يبرء الأخر ، لأنه لا دليل عليه ، ولتغاير الحقين ، وتبعه ابن حمزة وابن البراج.
والمشهور في كلام المتأخرين برأيه الأخر ، لأن المقصود تسليمه له وقد حصل ، بل لو سلم نفسه أو سلمه أجنبي بريء الكفيل من الكفالة ، لحصول الغرض فكيف مع تسليم أحد الكفيلين ـ فإنه أولى.
وتظهر الفائدة لو هرب بعد التسليم الأول ، فعلى المشهور لا حق للمكفول له ، وعلى قول الشيخ ومن تبعه له الرجوع على الكفيل الثاني ، لبقاء حقه عليه ، ثم انه على تقدير القول المشهور هل يشترط في تسليم أحد الكفيلين وحده قصد تسليمه عنه وعن شريكه؟ أم يكفي الإطلاق؟ بل يكفى تسليمه عن نفسه احتمالان : ويأتي مثلهما فيما لو سلم نفسه أو سلمه أجنبي ، ويأتي مثله أيضا في وجوب قبول المكفول له وقبضه عمن لم يسلم ، إذ لم يجب عليه قبول الحق ممن ليس له عليه أو بدله ـ ومن حصول الغرض وهو التسليم.
وظاهر إطلاق الأصحاب القائلين بهذا القول هو الاجتزاء به مطلقا في هذه المسئلة ، وسيأتي الكلام في ذلك بالنسبة الى غير هذه الصورة.
ولو انعكس الفرض بأن تكفل رجل لرجلين برجل ، ثم سلمه الى أحدهما لم يبرء من الأخر عند الأصحاب ، قالوا : والفرق بين هذه الصورة وسابقتها ـ بناء على القول المشهور من براءة الجميع ـ هو أن عقد الكفالة في هذه الصورة وقع مع اثنين ، فهو بمنزلة عقدين ، كما لو تكفل لكل واحد منهما على انفراده ، وكما لو ضمن دينين لشخصين ، فأدى أحدهما ، فإنه لا يبرء من دين الأخر.
أقول : والأظهر في التنظير انما هو كالمال المشترك بين اثنين في ذمة آخر ، فإنه لا يبرئ بالدفع الى أحد الشريكين ، الا أن يكون وكيلا عن الأخر في القبض ، فيكون المتسلم هنا أصالة من نفسه ، ووكالة عن الأخر. بخلاف الصورة السابقة ، فإن الغرض من كفالتهما إحضاره ، وقد حصل وان كان بفعل أحدهما فتبطل الكفالة لحصول الغرض منها.
الحادي عشر ـ لو قال الكفيل : أبرأت المكفول ، فأنكر المكفول له ، فان كان للكفيل بينة تثبت دعواه فلا اشكال ، وان لم تكن بينة فاليمين من طرف المكفول له فاما أن يحلف على بقاء حقه أو يرد اليمين على الكفيل ،