أحسن حفظها وكل فضلها ، فدخلت إلى أمي وأنا فرح فأخبرتها فلما كان بالعشي أتيت صديقا كان لأبي فاشترى لي بضائع سابري وجلست في حانوت فرزق الله فيها خيرا كثيرا ، فحضر الحج فوقع في قلبي فجئت إلى أمي وقلت لها : قد وقع في قلبي أن أخرج الى مكة؟ فقالت لي : فرد دراهم فلان عليه ، فهيأتها وجئت بها اليه فدفعتها اليه فكأني وهبتها اليه ، فقال ، لعلك استقللتها فأزيدك ، قلت : لا ولكن وقع في قلبي الحج فأحببت أن يكون شيئك عندك ، ثم خرجت فقضيت نسكي ثم رجعت الى المدينة ، فدخلت مع الناس على أبى عبد الله (عليهالسلام) وكان يأذن إذنا عاما فجلست في مواخير الناس ، وكنت حدثا فأخذ الناس يسئلونه ويجيبهم فلما خف الناس عنه أشار الى فدنوت اليه فقال لي : ألك حاجة؟ فقلت له : جعلت فداك أنا عبد الرحمن بن السيابة فقال لي : ما فعل أبوك قلت : هلك ، فتوجع وترحم ، قال : ثم قال لي : فترك شيئا؟ قلت : لا قال : فمن أين حججت؟ قال : فابتدأت فحدثته بقصة الرجل ، قال : فما تركني أفرغ منها حتى قال لي : فما فعلت في الألف قال : قلت : رددتها على صاحبها ، قال لي : قد أحسنت وقال لي : إلا أوصيك؟ قلت : بلى جعلت فداك ، فقال : عليك بصدق الحديث وأداء الأمانة ، تشرك الناس في أموالهم هكذا ، وجمع بين أصابعه قال : فحفظت ذلك عنه فزكيت ثلاثمأة ألف درهم». الى غير ذلك من الاخبار الجارية في هذا المضمار.
وأما الإجماع فقد نقله جملة من الأصحاب منهم العلامة في التذكرة قال : وقد أجمع المسلمون كافة على جوازها ، وتواترت الاخبار بذلك.
أقول : ويؤكد ذلك دلالة العقل والنقل على قضاء حاجة المؤمن وإدخال السرور عليه مع عدم المانع ، كما لو لم يثق من نفسه بالحفظ لبعض الأسباب المتوقف عليها ذلك ، قال في التذكرة ـ بعد أن صرح بالاستحباب كما ذكرنا ـ : ولو لم يكن هناك غيره فالأقوى أنه يجب عليه القبول ، لانه من المصالح العامة.
وبالجملة فإن القبول واجب على الكفاية ، ثم استثنى ما إذا تضمن بالقبول