وقال ابن إدريس : الأولى ما ذكره الشيخ في المبسوط وهو المعتمد ، وتحمل الرواية على ما إذا كانت الإجارة في ذلك الوقت فتقسط كذلك ، والله سبحانه العالم.
الحادية والعشرون : في الاستيجار للإرضاع والكلام فيها يقع في مواضع : الأول : الظاهر أنه لا خلاف في جواز استيجار المرأة للرضاع مدة معينة بإذن الزوج ، وإنما الخلاف فيما لو كان بغير اذنه ، فقيل : بالجواز ، والظاهر أنه هو المشهور وذهب في المبسوط والخلاف الى العدم ، قال : لأنه لا دليل على صحتها ولأن المرأة معقود على منافعها لزوجها بعقد النكاح ، فلا يجوز لها ان تعقد لغيره فيخل ذلك بحقوق زوجها ، وتبعه ابن إدريس وجماعة.
والظاهر أن القول الأول أقوى ، لأنها عاقلة مالكة لمنافعها من رضاع وغيره ، وعموم أدلة الوفاء بالعقود كتابا وسنة شامل لها ، نعم متى نافى ذلك شيئا من حقوق الزوج المواجبة عليها امتنع ذلك بلا إشكال ، للمنافاة وسبق حقه ، وبه يظهر ما في تعليله الثاني من قوله لأن المرأة معقود على منافعها ، فإنه على إطلاقه ممنوع ، إذ الزوج لا يملك سوى منافع الاستمتاع ، كذا ما في تعليله الأول من عدم الدليل ، فان الدليل كما سمعت ظاهر في المدعى ، وتخصيصه يحتاج الى دليل ، وغاية ما ثبت من الدليل الدال على التخصيص ما إذا أوجب ذلك الإخلال بحقوق الزوج الواجبة عليها.
ثم انه لو وقعت الإجارة على الوجه المذكور ، ومنع ذلك شيئا من حقوقه ، فهل يحكم ببطلان العقد أن الزوج يتسلط على الفسخ؟ قولان : وبالأول صرح العلامة في القواعد ، والثاني اختياره في المسالك ، وهو الأوفق بقواعد الأصحاب ، ولو سبق الاستيجار للرضاع على النكاح ، فلا اعتراض للزوج ، لاستحقاق منفعة الرضاع ، وملكها قبل عقده بها ، وله الاستمتاع بما فضل عن ذلك ، فلو تضرر الصبي بترك الرضاع باستمتاع الزوج كان للولي منع الزوج لما عرفت من تقدم حقه ، أما مع عدم التضرر فلا.