قال في التذكرة : الحوالة عقد لازم ، فلا بد فيها من إيجاب وقبول ، كغيرها من العقود ، والإيجاب كل لفظ يدل على النقل والتحويل مثل أحلتك وقبلتك واتبعتك ، والقبول ما يدل على الرضا نحو رضيت وقبلت ، ولا تقع معلقة بشرط ولا صفة ، بل من شرطها التنجيز ، فلو قال : إذا جاء رأس الشهر أو ان قدم زيد فقد أحلتك عليه لم يصح ، لأصالة البراءة وعدم الانتقال ، ولا يدخلها خيار المجلس. لانه مختص بالبيع ، وليست بيعا عندنا ، وهل يدخلها خيار الشرط ، منع منه أكثر العامة ، والحق جواز دخوله لقولهم (١) (عليهمالسلام): «كل شرط لا يخالف الكتاب والسنة فإنه جائز» ، ولو قال : أحلنى على فلان ، فقال أحلتك ، افتقر الى القبول ، ولا يكفي الإيجاب ، انتهى.
أقول : قد عرفت في غير موضع ولا سيما في كتاب البيع مما في اشتراطهم للإيجاب والقبول ونحوهما من الشروط التي أوجبوها في العقود من عدم الدليل على ذلك ، بل إطلاق الاخبار وعبارات العقود المذكورة فيها تردد جميع ما ذكروه ، وأن الأمر في العقود أوسع مما ضيقوه ، والظاهر أيضا تطرق المناقشة الى ما ذكره من عدم جواز كونها معلقة على شرط ، لعدم الدليل عليه ، ولعموم (٢) «المسلمون عند شروطهم» ، والله العالم.
الثانية ـ لا يخفى أن أركان الحوالة ثلاثة : المحيل ، والمحتال ، والمحال عليه ويعتبر رضا الثلاثة عند الأصحاب ، أما المحيل فموضع وفاق ، قال في التذكرة :
يشترط في الحوالة رضى المحيل ، وهو الذي عليه الحق إجماعا ، فلو اكره على أن يحيل فأحال بالإكراه لم يقع الحوالة ، ولا نعرف فيه خلافا ، فان من عليه الحق مخير من جهات القضاء ، فله أن يقضى من أي جهة شاء ، لا يتعين عليه بعض الجهات قهرا.
وأما المحتال فالوجه في اعتبار رضاه أن حقه ثابت في ذمة المحيل ، فلا يلزمه نقله إلى ذمة أخرى إلا برضاه ، والحكم في ذلك أيضا إجماعي كما صرح به في التذكرة ، فقال : يشترط رضاء المحتال عند علمائنا أجمع ، وبه قال الشافعي وأبو حنيفة ، ثم ذكر نحو ما ذكرناه من التعليل.
__________________
(١ ـ ٢) الوسائل ج ١٢ الباب ٦ ـ من أبواب الخيار ص ٣٥٣.