وما رواه في الكافي والتهذيب عن الحلبي (١) قال : «قلت لأبي عبد الله (عليهالسلام) : أتقبل الأرض بالثلث أو الربع فأقبلها بالنصف؟ قال : لا بأس ، قلت : فأتقبلها بألف درهم فأقبلها بألفين؟ قال : لا يجوز ، قلت : كيف جاز الأول ولم يجز الثاني ، قال : لان هذا مضمون وذاك غير مضمون».
قال الفاضل المحدث الأمين الأسترآبادي قوله «لان هذا مضمون» الى آخره أقول : يعنى في الصورة الأولى لم يضمن شيئا ، بل قال : ان حصل شيء يكون ثلثه أو نصفه لك ، وفي الثانية ضمن شيئا معينا ، فعليه أن يعطيه ولو لم يحصل شيء ، انتهى.
وهو جيد فان الغرض بيان علة الفرق واقعا وان لم يعلم سبب عليتها ، ولا يخفى على هذا أن ذكر الدراهم انما خرج مخرج التمثيل ، ويكون الغرض الفرق بين المزارعة والإجارة فإن المزارعة لا تصح إلا بالحصة الشائعة من نصف أو ثلث أو نحوهما ، بخلاف الإجارة ، فإنها لا تصح كذلك ، بل لا بد من كون مال الإجارة دنانير أو دراهم ، أو عروضا مضمونة أو منقودة.
وقال الفاضل المشهور بخليفة سلطان في حواشيه على الفقيه : المراد أن ما أحدث شيئا زائدا مما دفعت من الذهب والفضة فهو مضمون وأنت ضامن له يجب دفعه الى صاحبه ، فهو نقل للحكم ، لا بيان للحكمة ، ولا يخفى بعده ، وهذه الاخبار ونحوها ـ مما سيأتي ان شاء الله تعالى ـ ظاهرة في عدم الجواز مطلقا الا مع القيود المذكورة فيها.
ولهذا ان الشيخ في الاستبصار بعد أن نقل الأخبار الثلاثة الأول قال : قال محمد بن الحسن : هذه الاخبار مطلق في جواز إجارة الأرض بأكثر مما استأجرها ، وينبغي أن يقيدها بأحد أشياء ، اما أن نقول يجوز له إجارتها إذا كان
__________________
(١) الكافي ج ٥ ص ٢٧٢ ح ٦ ، التهذيب ج ٧ ص ٢٠٤ ح ٤٣ ، الوسائل ج ١٣ ص ٢٦٠ ح ١.