فيهما ، والنسبة بين الموضعين العموم من وجه الى آخر كلامه.
وفيه أنه إن سمى هذا تعارضا يحتاج الى الجمع فإنه وارد عليه في الدراهم والدنانير ، فإنه لم يقع استثناءهما في محل واحد بل دل صحيح عبد الله بن سنان على استثناء الدنانير خاصة. وحاصله أنه لا ضمان في العارية الا أن يكون دنانير ، وبموجبه أنه لا ضمان في الدراهم ، ودل خبر عبد الملك بن عمرو على استثناء الدراهم خاصة ، وحاصله أنه لا ضمان في العارية الا أن يكون دراهم وهو ظاهر في عدم الضمان في الدنانير ، فيجري فيه ما أورده ثمة ، والتعارض بين المستثنى منه في كل من الخبرين ظاهر ، ولا نراه تكلفا للجمع بينهما هنا ، مع ظهور التعارض كما عرفت ، بل عمل بالخبرين ، وخصص بهما عموم الأخبار الدالة على أنه لا ضمان في العارية ، وما نحن فيه من أخبار الذهب والفضة مع أخبار الدراهم والدنانير كذلك ، حيثما شرحناه.
وبما أوضحناه يظهر قوة القول باستثناء الذهب والفضة ، ووجوب ضمانهما ، والله سبحانه العالم.
المورد الثالث : ظاهر جملة من الاخبار المتقدمة أنه يقبل قول المستعير لو ادعى التلف بغير يمين ، وفتوى الأصحاب على خلاف ذلك ، حيث انهم صرحوا بأنه إنما يقبل قوله بيمينه ، ونقل في التهذيب عن ابن بابويه (١) أنه قال : مضى مشايخنا (رحمة الله عليهم) على أن قول المودع مقبول ، وأنه مؤتمن ولا يمين عليه.
وقد روى (٢) أن رجلا قال للصادق عليهالسلام : بأني ائتمنت رجلا على مال أودعته عنده ، فخانني وأنكر مالي فقال : لم يخنك الأمين ، وإنما ائتمنت الخائن. انتهى.
وظاهر هذا الكلام يدل على أنه في كل موضع يحكم بكون المال أمانة فلا يمين على من هو بيده لو ادعى تلفه أو أنكره ، ويدخل فيه العارية والوديعة
__________________
(١ و ٢) التهذيب ج ٧ ص ١٨١ في ذيل ح ٨ ، الوسائل ج ١٣ ص ٢٢٨ ح ٦.