وينبغي أن يعلم أنه لا فرق فيما ذكر من الحكم المذكور بالوجوه المتقدمة ، بين كون الرد بالعيب بعد قبض المبيع أو قبله ، ولا بين أن يتفق الرد بعد قبض المحتال مال الحوالة أو قبله ، ولا بين الفسخ بخيار العيب أو غيره من أنواع الخيار ، والإقالة والفسخ بالتحالف ونحو ذلك مما لا يبطل البيع من أصله.
ولكن المتأخرين من الأصحاب مثلوا بالعيب تبعا لمن فرض المسألة ، وكذا لا فرق بين العيب السابق على البيع أو اللاحق على وجه يجوز الفسخ ، كالعيب قبل القبض وقبل انقضاء الثلاثة في الحيوان ، لاشتراك الجميع في العلة الموجبة للحكم المذكور في الصورة المفروضة في كلام من فرضها ، وأصل هذه الفروض والفروع في هذه المسألة وأمثالها كله من كلام العامة ، كما لا يخفى على من لاحظ التذكرة ، وأصحابنا كالشيخ : وأتباعه جروا عليها.
الثاني ـ أنه متى قلنا ببطلان الحوالة كما هو أحد الوجهين المتقدمين بأي سبب من السببين المتقدمين أيضا ، فإن كان المحتال وهو البائع قد قبض المال من المحال عليه فقد برئت ذمة المحال عليه ، ويستعيده المشترى من البائع ان كان موجودا بعينه ، ولو تلف لزمه بدله وان تلف بغير تفريط ، لانه مضمون عليه حيث أنه قبضه عوضا عن الثمن ، وليس للمحتال رده على المحال عليه ، فان رده عليه فللمشتري مطالبته ، وان كان لم يقبض فليس له قبضه ، لبطلان الحوالة ، فيبقى في ذمة المحال عليه لصاحبه ، وهو المشترى كما كان.
فلو خالف المحتال وقبضه بعد بطلان الحوالة لم يقع عنه لبطلان حقه. وهل يقع للمشتري قالوا : فيه وجهان (١)؟ ومتى قلنا بصحة الحوالة كما هو الوجه الأخر ، فإن كان البائع قد قبض برأ المحال عليه ، ورجع المشترى على البائع ، ولا يتعين حقه فيما قبضه ، وان لم يكن قد قبض فله القبض ، وللمشتري الرجوع عليه ، قبل
__________________
(١) منشأهما من أن الحوالة متضمنة للإذن في القبض ، فان قلنا أن الاذن يبطل ببطلان الحوالة ، لأنه متى كان من لوازمها فإنه يتبعها وجودا وعدما ، فإذا بطلت بطل ، لاستحالة تخلف اللازم عن ملزومه ، وان قلنا بأن الإذن الضمني لا يبطل ببطلان ما كان في ضمنه كما هو أحد القولين فيه ، كما ذكروه في الشركة والوكالة وتحقيق ذلك في باب الوكالة ، ان شاء الله تعالى. منه رحمهالله.