ومنشأ التردد مما تقدم ، ومن أنه بالتصريح بإرادة نقل المنفعة مع أن البيع يفيد نقلها أيضا مع الأعيان وان كان بالتبع ناسب أن يقوم مقام الإجارة إذا قصدها.
وظاهر المحقق الأردبيلي هنا بناء على القول بالاكتفاء بكل ما دل على المراد من الألفاظ والتراضي به ، كما قدمنا ذكره ، حيث أنه ممن اختار ذلك القول بالجواز في العارية ، وفي البيع على الوجه المذكور ، حيث قال في العارية ـ بعد الإشارة الى ما قدمنا نقله عن المسالك من الاشكال ـ ما لفظه : ولا يبعد إخراجها عن ظاهرها بما يخرجها عنه صريحا مثل أن يقول : أعرتك هذه الدار سنة بكذا ، غايته أن يكون مجازا بقرينة ظاهرة بل صريحة ، بحيث لا يحتمل غير المجاز ولا مانع منه لغة ولا عرفا ولا شرعا كما في لفظة ملكتك.
نعم لو ثبت كون صيغة الإجارة متلقاة من الشرع وليس هذه منها لصح عدم الانعقاد بها ، ولا يكفي مجرد كونه عقدا لازما ، ودعوى أن التجوز بمثل هذا يخرجه عن كونه لازما كما قاله في شرح الشرائع ، وقال : بالنسبة إلى البيع ، وقد مر ما يفهم البحث منه في عدم انعقادها بنحو البيع ، مثل بعتك هذه الدار أو منفعتها سنة بكذا ، وأنه فهم الإجماع من التذكرة ، فإن كان إجماعا فلا كلام والا فالظاهر أن لا مانع من الانعقاد إذا علم القصد ، فان الظاهر أنه يكفى مع صلاحية اللفظ في الجملة ، وان كان موضوعا متعارفا في الأصل لنقل الأعيان ، وهو وجه التردد في الشرائع ، انتهى.
أقول : والذي وقفت عليه من الأخبار الواردة في هذا المقام زيادة على ما قدمناه في كتاب البيع مما يدل على سعة الدائرة في العقود وأنها ليست على ما ذكروه من الشروط والقيود ما رواه في الكافي عن زرارة (١) قال : «قلت لأبي عبد الله عليهالسلام الرجل يأتي الرجل فيقول : اكتب لي بدراهم فيقول له : آخذ منك وأكتب لك بين يديك قال : فقال : لا بأس» الحديث.
__________________
(١) الكافي ج ٥ ص ٢٨٨ ح ٣ ، التهذيب ج ٧ ص ٢١٣ ح ١٦ ، الوسائل ج ١٣ ص ٢٥١ ح ١.