وفيه ما عرفت وإلى ما رجحناه من القول الأول يميل كلام المحقق الأردبيلي في شرح الإرشاد ، حيث قال بعد قول المصنف ويستحق الأجير الأجرة بالعمل وان كان في ملكه ما لفظه : دليل مختاره ومختار الشرائع وغيره هو استحقاق الأجير طلب أجرته بعد إتمام العمل ، وان لم يكن سلم العين إلى المستأجر وكان العمل في ملك المستأجر بل في بيت الأجير ، ولا يتوقف على تسليم العين ، نعم يجب عليه تسليم العين عند الطلب مع عدم المانع الشرعي فلو منع كان غاصبا ضامنا والظاهر أنه لا يستحق المستأجر المنع منه حتى يتسلم فلو منع كان غاصبا ظالما ، وهو خلاف ما مضى من أنه يملك الأجرة بمجرد العقد ، إذ قد قام الدليل العقلي والنقلي على عدم جواز منع المالك عن ملكه ، واستحقاقه الطلب ، وقد خرج قبل العمل بالإجماع ونحوه ، وبقي الباقي ويؤيده وجوب أجرة العقارات قبل الاستيفاء ، وعموم وخصوص أدلة لزوم الوفاء بالعقود والشروط.
والأخبار مثل حسنة هشام بن الحكم (١) عن أبي عبد الله عليهالسلام «في الجمال والأجير قال : لا يجف عرقه حتى تعطيه أجرته». وقد مرت واختار البعض مثل المحقق الثاني والشهيد الثاني عدم استحقاقه الا بعد تسليم العين وان كانت في ملك المستأجر ، الا أن يكون في يد المستأجر لأنه لا يلزم العوض ولم يستحق طلبه في المعاوضات إلا بالتسليم ، وتسليم المنفعة إنما هو بتسليم العين كما هو في البيع.
وفيه تأمل يعلم مما تقدم ، ولا نسلم الكلية ، ولا نعرف له دليلا خصوصا إذا كان العوض منفعة بعد ثبوت الملك ، وفي البيع أيضا ان كان دليل فهو متبع لذلك ، والا نمنع هناك أيضا ، كما فيما نحن فيه ، على أنه قد يقال : أنه لما كانت بيد الأجير فهي بمنزلة كونه بيد المستأجر لأنه وكيل ومأذون في وضع اليد أو وديعة ، فكأنه فعل العمل والعين في يد المستأجر انتهى ، كلامه وهو كلام شاف وإنما نقلناه بطوله لتقف على جودة محصوله ، والله سبحانه العالم.
__________________
(١) الكافي ج ٥ ص ٢٨٩ ح ٢ ، التهذيب ج ٧ ص ٢١١ ح ١١ ، الوسائل ج ١٣ ص ٢٤٦ ح ١.