وانما المحرم ما كان أضر.
وأورد عليه في هذا التفصيل بأن الفرق غير واضح لأن التخطي غير مأذون فيه في كل من الفردين المذكورين ، غاية الأمر أنه في صورة النهي جاء المنع من حيث النهي الذي نص عليه المالك ، وفي صورة الإطلاق وعدم النهي جاء المنع من حيث عدم الإذن ، إذ قد علم من الشرع المنع من التصرف في مال الغير بغير اذن المالك ، وهذا لا يوجب اختلاف الحكم والله سبحانه العالم.
الثالثة : المشهور في كلام الأصحاب على وجه لا يظهر فيه خلاف أنه يجوز إعارة الشاة للحلب وهي المسماة عندهم بالمنحة بالكسر قال في المسالك : «وجواز إعارة الشاة لذلك ثابت بالنص على خلاف الأصل ، لأن اللبن المقصود من الإعارة عين لا منفعة ، وعدوا الحكم إلى غير الشاة مما يعد للحلب من الانعام وغيرها.
وفي التذكرة : «يجوز اعارة الغنم للانتفاع بلبنها وصوفها ، وفي تعدى الحكم عن موضع الوفاق ان كان هو اعارة غير الغنم نظر للبن لعدم الدليل مع وجود المانع ، وهو أن الإعارة مختصة في الأصل بالأعيان ، ليستوفي منها المنافع ، والنص من طرقنا غير واضح ، ومن طرق العامة لا يدل على غير الشاة» انتهى.
أقول : لا يخفى ما في كلامه من التدافع بين صدره وعجزه ، فان صدره ظاهر في وجود نص من طرقنا بهذا الحكم ، فإنه حكم بثبوته بالنص على خلاف الأصل ومقتضاه كون ذلك النص من طرقنا كما لا يخفى ، ومقتضى كلامه أخيرا وقوله «والنص من طرقنا غير واضح ، ومن طرق العامة لا يدل على غير الشاة» كون مستند هذا الحكم إنما هو النص الذي من طرق العامة ، وأنه لا نص من طرقنا ، وهذا هو الحق الواضح ، فإنه لا مستند لهذا الحكم في أخبارنا على الوجه الذي ذكروه.
نعم هنا أخبار قد استند إليها في التذكرة حيث ذهب في الكتاب المذكور الى جواز إعارتها للانتفاع باللبن والصوف ، قال يجوز اعارة الغنم للانتفاع