تقدم ذكره ، فالإجماع غير ثابت لو سلم حجيته.
على أن ما ذكره من التأويل بحمل الأمين على من لم يفرط في حفظها بعيد جدا ، لعدم جريانه في ما إذا ادعى المالك عليه التفريط مع عدم العلم بعدم التفريط ، الا من قبل المستعير ، ولأنه تخصيص لمعنى الأمين ، والعدل ، من غير مخصص ، بل استعمالهما في غير معناهما المتبادر لغة وشرعا ، بل المستفاد من الخبر انما هو المعنى الثاني الذي ذكره ، ونحو الخبر المذكور قوله عليهالسلام في صحيحة عبد الله بن سنان المتقدمة «لا غرم على مستعير عارية إذا هلكت إذا كان مأمونا» ، والمرسلة (١) التي نقلها في الكافي عقيب حسنة الحلبي ، وكتب شيخنا المتقدم ذكره في حاشيته ، على هذه المرسلة أيضا ما صورته ، ربما يحمل الخبر على أنه إذا كان مسلما عدلا ينبغي أن لا يكلفه المعير اليمين ، فيلزمه بنكوله الضمان. أو يحمل العدل على من لم يقصر ولم يفرط ، وهما بعيدان ، والمسئلة في غاية الإشكال ، انتهى.
أقول : ما استبعده من الاحتمالين في محله ، فان ظاهر الخبر المذكور هو قبول قول المستعير متى كان كذلك من غير يمين ، لأنه مع التكليف باليمين والنكول عنها يلزمه الضمان كما هو مقتضى القواعد ، مع أن الحديث مصرح بنفي الضمان مطلقا ، وتفسير نفي الضمان بمعنى أن الأولى للمعير أن لا يكلفه باليمين تعسف صرف ، وكذا حمل العدل على المعنى الذي اعترف ببعده.
وأما قوله أن المسئلة في غاية الإشكال ، ففيه ما عرفت مما شرحناه بحمد الله تعالى الملك المستعان من أنه لا اشكال بعد دلالة الأخبار على ما ذكرناه من أخبار هذا الباب وغيره كما تقدم ، وسيأتي إنشاء الله تعالى.
وعدم وجود خبر يدل على ما ادعوه وليس إلا مجرد الشهرة التي سموها إجماعا لما عرفت من وجود المخالف ، ومن ذلك أيضا قوله عليهالسلام في رواية مسعدة
__________________
(١) الكافي ج ٥ ص ٢٣٨ في ذيل ح ١.