بن زياد المتقدمة لا غرم على مستعير عارية إذا هلكت أو سرقت أو ضاعت إذا كان المستعير مأمونا.
وسيأتي إنشاء الله تعالى في كتاب الإجارة جملة من الأخبار الدالة على صحة ما ادعيناه زيادة على ما ذكرناه هنا وما تقدم في كتاب الوديعة.
المسئلة الثانية : قالوا : إذا رد العارية إلى المالك أو وكيله برء ، وإذا ردها الى الحرز لم يبرء ، ولو استغار الدابة إلى مسافة فجاوز بها ضمن ، ولو أعادها إلى الأولى لم يبرء.
أقول : قد اشتمل هذا الكلام على ثلاثة من الأحكام ، أما الأول منها وهو برأيه المستعير من العارية متى ردها على المالك أو وكيله ، فظاهر لا ريب فيه.
وأما الثاني وهو عدم البراءة بالرد الى الحرز كالدابة إلى الإصطبل مثلا ، فالوجه فيه الخبر الدال (١) «على أن على اليد ما أخذت حتى تؤدي». فإن المراد من الأداء في الخبر هو الدفع الى المالك أو وكيله ، لا مجرد ردها في داره أو اصطبله ، بل مقتضى القاعدة أن تكون مضمونة عليه بعد ذلك ، وان لم تكن مضمونة أولا لتفريطه في وضعها في موضع لم يأذن له المالك فيه ، إذ لو تلفت بعد وضعها في الموضع المذكور وقبل أن يتسلمها المالك لزمه ضمانها ، لما قلناه ، وهذا لا خلاف فيه عندنا.
وانما نقل فيه الخلاف عن أبي حنيفة قال : في التذكرة إذا رد المستعير العارية إلى مالكها أو وكيله برء من ضمانها ، وان ردها الى ملك مالكها بأن حمل الدابة إلى إصطبل المالك فأرسلها فيه ، أو ردها الى الدار لم يزل عنه الضمان ، وبه قال الشافعي ، بل عندنا أن لم تكن العارية مضمونة فإنها تصير بهذا الرد مضمونة لأنه لم يدفعها الى مالكها ، بل فرط بوضعها في موضع لم يأذن له المالك بالرد اليه ، كما لو ترك الوديعة في دار صاحبها ، فتلفت قبل أن يتسلمها المالك ،
__________________
(١) المستدرك ج ٢ ص ٥٠٤ ح ١٢.