البذر من العامل ، وبه يفرق بين المزارعة والمساقاة ، حيث لا تجوز المساقاة من المساقى ، وتجوز المزارعة من العامل ، وعموم الأدلة ـ «وتسلط الناس على أموالهم» ، وتملك المنفعة والحصة مع العمل ، وعدم ظهور مانع ـ يفيد الجواز ولو كان في المساقاة ما يمنع من إجماع ونحوه فهو ، والا فينبغي القول به فيها أيضا ثم انه قيل : في شرح الشرائع : المراد بالمشاركة هو بيع العامل بعض حصته المعلوم من الحصة التي له من الأرض بعوض معين ، وهو انما يكون ببلوغ الزرع أو ان البيع ، ويكون الثمن غير العمل على الظاهر ، وظاهر العبارات أعم من ذلك ، بل غير ذلك ، فانا نفهم أن المراد أن يشارك غيره بأن يعمل معه العمل المشترط بعوض وغيره ، وكون العوض جزء من حصته ، فكأنه يرجع الى المزارعة في البعض ، أو إجارة شخص لعمل بعوض ، أو استعماله بغير عوض فتأمل ، انتهى.
أقول : وهو يرجع في التحقيق الى ما ذكره أخيرا في المسالك بقوله ، وقد يقال : «ان هذا كاف» الى آخره ، ولا بأس به والذي وصل الى من الاخبار المتعلقة بهذا المقام ما رواه المشايخ الثلاثة (رحمة الله عليهم) عن سماعة (١) في الموثق قال : «سألته عن المزارعة قلت : الرجل يبذر في الأرض مائة جريب أو أقل أو أكثر طعاما أو غيره فيأتيه رجل فيقول : خذ منى نصف ثمن هذا البذر الذي زرعته في الأرض ، ونصف نفقتك على وأشركني فيه ، قال : لا بأس» وزاد في غير الفقيه «قلت : وان كان الذي يبذر فيه لم يشتره بثمن ، وانما هو شيء كان عنده ، قال : فليقومه قيمة كما يباع يومئذ فليأخذ نصف الثمن ونصف النفقة ويشاركه». وما اشتملت عليه الرواية المذكورة أحد أنواع المشاركة وأفرادها ، وظاهرها أن البذر والعوامل والعمل كله من الزارع ، وأنه أعطاه نصف جميع ذلك ، فصار شريكه ، يعمل فيما بقي معه ، ويأخذ نصف ما شرط له من الحصة ، وهو ظاهر والله العالم.
__________________
(١) الكافي ج ٥ ص ٢٦٨ ح ٤ ، التهذيب ج ٧ ص ١٩٨ ح ٢٣ «وفيه من الطعام» بدل طعاما ، الفقيه ج ٣ ص ١٤٩ ح ٨ ، الوسائل ج ١٣ ص ٢٠٥ ح ١.