وجوبها ، لما رووه من مزيد التأكيد والترغيب فيها ، والجميع عندنا محمول على مزيد التأكيد في استحبابها ، فإنهم عليهمالسلام كثيرا ما يؤكدون على المستحبات بما يكاد يلحقها بالواجبات ، ويؤكدون في النهي عن المكروهات بما يكاد يدخلها في المحرمات.
الثالثة :مقتضى ما عرف به العارية في التذكرة كما تقدم نقله عنه من أنها عقد شرع لإباحة الانتفاع ، هو أنه لا بد من الإيجاب والقبول اللفظيين ، كما في سائر العقود ، ولهذا ان المحقق في الشرائع لما عرفها بأنها عقد ثمرته التبرع ، قال في المسالك : العقد اسم للإيجاب والقبول ، وتعليق الثمرة عليه يقتضي أن للقبول مدخلا فيها مع أن التبرع بالمنفعة يتحقق بالإيجاب خاصة ، لأن المتبرع انما هو باذل العين ، لا المنتفع بها.
ثم قال : ويمكن الجواب بأن القبول لما كان شرطا في صحة العارية لم يتحقق الثمرة بدونه وان بذلها المعير ، فإنه لو تبرع المعير بالعين وأوقع الإيجاب فرده الأخر لم تحصل الثمرة ، وان حصل التبرع بالمنفعة فالمترتب على العقد هو التبرع على وجه يثمر ذلك ، ولا يتم بدون القبول ، انتهى.
وهو كما ترى نص صريح في إيجاب الإيجاب والقبول ، وأنه لا بد من عقد يشتمل عليها ، وأصرح منه ما صرح به أيضا أخيرا حيث قال : واعلم أن جعلها عقدا يقتضي اعتبار الإيجاب والقبول اللفظيين ، لان ذلك هو المفهوم من العقد ، وان لم ينحصر في لفظ كما هو شأن العقود الجائزة ، وقد يتجوز في القبول فيطلق على ما يكفى فيه القبول الفعلي ، كما ذكروه في الوديعة والوكالة ونحوهما ، لكن يبقى الإيجاب لا يتحقق العقد بدون التلفظ به ، وهذا هو الظاهر من عبارات كثير من الأصحاب انتهى ، هذا وقد صرح العلامة في التذكرة في الركن الرابع بما هو ظاهر بل هو صريح في خلاف ما ذكره في المسالك ، وما يفهم من ظاهر عبارته المشار إليها آنفا ، حيث صرح بأنه لا يشترط فيه اللفظ في الإيجاب والقبول ،