أما لو كان مغروسا ثابتا فإنه قد اشتمل على شرط الصحة من جهة المحل ، ولكن بقي الاشكال وتطرق الاختلال من جهة المدة التي توجد فيها الثمرة ، فإن ساقاه إلى مدة معينة لا يثمر ، مثل هذا الودي فيها علما أو ظنا متاخما له بالنظر الى العرف والعادة ، أو يكون الاحتمالان متساويين في وجود الثمر تلك المدة وعدمه ، فإنها تكون باطلة لجهالة المدة ، وعدم الجزم بحصول الثمرة.
ولو فرض تخلف الظن بأن حصلت الثمرة في المدة ، فلا يبعد صحة العقد لحصول الاحتمال وقت العقد ، مع مطابقته الواقع فيأخذ العامل الحصة وحينئذ ينبغي تقييد ما ذكروه بعدم الحصول فإنه كما عرفت لو حصلت لا يبعد الحكم بالصحة ، وعلى تقدير البطلان فان كان العامل عالما بذلك فليس له أجرة المثل ، لانه متبرع كمن زارع على أن لا يكون له شيء أو استأجر على أن لا يكون له أجرة.
وان كان جاهلا فله أجرة المثل ، خصوصا مع علم صاحب الأرض ، فإن ذلك مقتضى قاعدتهم المصرح بها في كلامهم من أنه متى بطل العقد فللعامل أجرة المثل ، لان الحاصل لصاحب الأرض خاصة لبطلان العقد ، فلا بد للعامل في مقابلة عمله من عوض ، وهو المراد بأجرة المثل وان ساقاه إلى مدة يحمل مثله غالبا صح وان لم يحصل الحمل على خلاف العادة. لأن مناط الصحة تجويز ظهور الثمرة ، وظنه بحسب العادة فإذا حصل المقتضى صح ، وان تخلف الغرض منها كما لو ساقاه على شجر كثير فاتفق أنه لم يحمل تلك المدة ، وظاهرهم أنه ليس له أجرة المثل هنا على جميع العمل ، لقدومه على ذلك ، وأنه يجب عليه إتمام العمل وان علم الانقطاع قبله ، فان عدم الثمرة غير قادح في صحة المساقاة إذا كان حصولها مظنونا عادة وقت العقد ، إذ هو المناط في الصحة كما عرفت ونظيره ما لو تلفت الثمرة كلها أو أكلها الجراد أو غصبها غاصب ، فإنه في جميع ذلك يجب على العامل إتمام العمل ؛ ولا أجرة له وان تضرر كما يجب على عامل المضاربة انضاض المال وان ظهر الخسران ، بل هنا أقوى ، للزوم العقد ووجوب العمل.