قراضا ـ كما لو لم يتلف المال ـ وعدمه كما لو لم يأخذ شيئا من المال ، أما لو أتلفه أجنبي قبل دورانه في التجارة ، وقبل تصرف العامل فيه ، فان العامل يأخذه بماله ، ويكون القراض باقيا فيه ، لان القراض كما يتناول عين المال فكذا يتناول بدله كاثمان السلعة التي يبيعها العامل ، والمأخوذ من الأجنبي عوضا بدل.
وقال في المسالك : أنه أى تلف المال كلا قبل الدوران موجب لبطلان العقد ، فلا يمكن جبره ، الا أن يحمل على ما لو أذن له في الشراء في الذمة فاشترى ، ثم تلف المال ونقد عنه الثمن ، فان القراض يستمر ويمكن جبره حينئذ بالربح المتجدد ، كلامهما متفق على البطلان في الصورة المذكورة إلا مع التأويل بما ذكره كل منهما ، وان تغاير التأويلان.
وقال في الشرائع : إذا تلف مال القراض أو بعضه بعد دورانه في التجارة احتسب التالف من الربح ، وكذا لو تلف قبل ذلك ، وفي هذا تردد.
قال في المسالك : وجه التردد فيما لو كان تلفه قبل الدوران من أن وضع المضاربة على أن الربح وقاية لرأس المال ، فلا يستحق العامل ربحا الا بعد أن يبقى رأس المال بكماله ، لدخوله على ذلك ، وعدم دورانه لا دخل له في الحكم بخلافه ، ومن أن التلف قبل الشروع في التجارة يخرج التالف عن كونه مال قراض ، والأقوى عدم الفرق ، لأن المقتضي لكونه مال قراض هو العقد ، لا دورانه في التجارة ، فمتى تصور بقاء العقد وثبوت الربح جبر ما تلف مطلقا انتهى.
أقول : قد عرفت أن مقتضى تلف المال قبل الدوران هو بطلان المضاربة كما اعترف به فيما قدمنا نقله عنه ، وكذا في ما قدمناه من كلام التذكرة ، ومقتضى ذلك أنه لا ربح هنا بالكلية ليحصل به الجبران ، ولم يبق الا الحمل على ما ذكره من التأويل ، وهو مع بعده عن ظاهر عبارة المصنف غاية البعد ، مدخول بأن الظاهر انما هو عدم الجبران.
قوله : ان وضع المضاربة على أن الربح وقاية لرأس المال الى آخره مسلم