وبالجملة فإن عقد الإجارة انما حلل الخدمة والعمل وأباحهما ، وأما غيرهما مما هو محرم قبل الإجارة فإنه يبقى على تحريمه واختلفوا في نفقة الأجير المستأجر للسعي في حوائج المستأجر فقيل : بأنها على الأجير وهو اختيار العلامة في التذكرة والقواعد وشيخنا في المسالك ، وهو ظاهر المحقق الأردبيلي أيضا ، وهو مذهب ابن إدريس ، وعلل بأن العقد انما وقع على العمل بأجرة معينة ولم يقتضي العقد سواها ، فإدخال غيرها في مقتضى العقد المذكور يحتاج الى دليل ، ولا دليل.
نعم لو كان ثمة عادة مستمرة أو قرينة صريحة أو شرط ذلك على المستأجر فلا إشكال في ذلك ، وقيل : بأنها على المستأجر الا أن يشترطها على الأجير ، وبه صرح في الشرائع والإرشاد وجماعة من الأصحاب أو لهم النهاية وعلل باستحقاق المستأجر جميع منافعه المانع من النفقة ، لأنه متى كان زمانه مستوعبا بالعمل للمستأجر لم يبق له زمان يحصل فيه ما يحتاج اليه من النفقة ، ورد بأن استحقاق منافعه لا يمنع من وجوب النفقة في ماله الذي من جملته الأجرة.
واستدل ايضا على ذلك بما رواه الكليني والشيخ عن سليمان بن سالم (١) قال : «سألت أبا الحسن عليهالسلام عن رجل استأجر رجلا بنفقة ودراهم مسماة على أن يبعثه إلى أرض ، فلما أن قدم أقبل رجل من أصحابه يدعوه إلى منزله الشهر والشهرين فيصيب عنده ما يغنيه عن نفقة المستأجر ، فنظر الأجير الى ما كان ينفق عليه في الشهر إذا هو لم يدعه فكافأه الذي يدعوه ، فمن مال من تلك المكافاة؟ أمن مال الأجير أم من مال المستأجر؟ فقال : ان كان في مصلحة المستأجر فهو من ماله ، والا فهو على الأجير ، وعن رجل استأجر رجلا بنفقة مسماة ، ولم يفسر شيئا على أن يبعثه إلى أرض أخرى فما كان من مؤنة الأجير من غسل الثياب أو الحمام فعلى من؟ قال على المستأجر».
ورده بعض محققي متأخري المتأخرين بضعف السند ، بالراوي المذكور ، فإنه
__________________
(١) الكافي ج ٥ ص ٢٨٧ ح ٢ ، التهذيب ج ٧ ص ٢١٢ ح ١٥ ، الوسائل ج ١٣ ص ٢٥٠ ح ١.