أقول : والذي وقفت عليه من الاخبار المتعلقة بهذه المسئلة ما رواه الكليني والشيخ والصدوق في الموثق عن إسحاق بن عمار (١) قال : «سألت أبا الحسن (عليهالسلام) عن رجل استودع رجلا ألف درهم فضاعت فقال الرجل : كانت عندي وديعة ، وقال الأخر : انما كانت عليك قرضا؟ قال : المال لازم له الا أن يقيم البينة أنها كانت وديعة». وما رواه الكليني والشيخ في الموثق عن إسحاق بن عمار (٢) أيضا عن أبى عبد الله (عليهالسلام) «في رجل قال لرجل : عليك ألف درهم فقال الرجل : لا ولكنها وديعة ، فقال (عليهالسلام) : القول قول صاحب المال مع يمينه». ولا يخفى ما في هذين الخبرين من الظهور في ما ذهب اليه الشيخ ، والرد لما فصله ابن إدريس ، واستشكل بعض الأفاضل في هذه الاخبار بأن الامانة والقرض متعارضان ، ثم رجح الحمل على ما إذا كان صاحب المال ثقة ، والذي يدعى الوديعة متهما.
وفيه أن الأمانة التي عارض بها دعوى القرض بناء على ما ورد «من أن صاحب الوديعة مؤتمن» انما يتم البناء عليها مع الاتفاق على كون ذلك وديعة ، وأما مع الاختلاف كما في الصورة المفروضة فلم تثبت الوديعة ، حتى يفرع عليه كونها أمانة ، وأن قول الأمين مقبول ، وبالجملة فدعوى القرض لا معارض له الا دعوى الوديعة ، وهذه الدعوى غير مسموعة بظاهر هذه الاخبار الا بالبينة ، وكان الوجه فيه أنه باعترافه بقبضه المال يلزم منه اشتغال ذمته به حتى يؤديه الى صاحبه ، نظرا الى الحديث النبوي المتقدم ذكره ، ودعواه الوديعة لدفع الضمان عنه يحتاج إلى البينة ، وحينئذ فالحكم بما دلت عليه الاخبار المذكورة.
نعم يجب تقييد الاولى من أن المال لازم لمن ادعى الوديعة مطلقا بما دلت عليه الثانية من اليمين على صاحب المال وأن القول قوله بيمينه ، والله العالم.
__________________
(١) الكافي ج ٥ ص ٢٣٩ ح ٨ ، التهذيب ج ٧ ص ١٧٩ ح ١ ، الفقيه ج ٣ ص ١٩٤ ح ٦ ، الوسائل ج ١٣ ص ٢٣٢ ح ١.
(٢) الكافي ج ٥ ص ٢٣٨ ح ٣ ، التهذيب ج ٧ ص ١٧٦ ح ٣٤ ، الوسائل ج ١٣ ص ١٣٨ ح ١.