ثم قال : والجواب عن الأول القول بالموجب في المضمون له ، وأما المضمون عنه فإنه متعين لتشخصه ، وحضوره عنده ، ولا يشترط علمه بنسبه ولا حاله ، والغرر ليس بمعتبر ، إذ لا يشترط علمه حال الضمان بحسن معاملة المضمون له وعدمه ، وان علمه بعينه إجماعا فلو كان الغرر معتبرا كان العلم بهذه الوصف شرطا ، وليس كذلك بالإجماع انتهى.
أقول : وبذلك علم حجج هذه الأقوال المذكورة في المقام ، وهي عند التحقيق لا اعتماد عليها في تأسيس الأحكام ، أما قوله لنا : ان المضمون عنه الى آخره ، ففيه أولا أنه مصادرة محضة ، لأن هذا عين المدعى ، ومع تسليمه فإنه يكفي التميز بوجه ما ، كما اعترف به القائلون بعدم الاشتراط بالنسبة إلى المضمون عنه ، وبه يظهر ضعف قوله وذلك يستدعي العلم به.
وأما الخبران المذكوران فإنهما وان ذكرهما الشيخ في الخلاف ، الا أن الظاهر أنهما من روايات العامة ، فإنهم كثيرا ما يستسلفون رواياتهم ، ولا سيما الشيخ في الكتاب المذكور ، فلا تقوم بهما حجة ، ومع تسليم صحتهما فهما بالدلالة على العدم ـ في كل من المضمون له ، وعنه ـ أقرب ، كما ذكره الشيخ في الخلاف ، حيث استدل بهما على ذلك بالتقريب الذي تقدم نقله عنه. (١)
وأما ما استدل به الشيخ في المبسوط فهو أظهر ضعفا من أن يتعرض لبيانه ،
__________________
(١) أقول : هذان الخبران وان لم ينقلا في كتب أخبارنا ، لكن في بعض الاخبار ، ما يشير الى ذلك ، كصحيحة معاوية بن وهب قال : قلت لأبي عبد الله (عليهالسلام) : أنه ذكر لنا أن رجلا من الأنصار مات وعليه ديناران دينا فلم يصل عليه النبي (صلىاللهعليهوآله) وقال : صلوا على صاحبكم حتى ضمنهما عنه بعض قرابته فقال أبو عبد الله (عليهالسلام) ذلك الحق ، ثم قال ان رسول الله (صلىاللهعليهوآله) انما فعل ذلك ليتعظوا وليرد بعضهم على بعض ، ولئلا يستخفوا بالدين. الحديث. الوسائل ج ١٣ ص ٧٩ الباب ٢ من أبواب الدين والقرض الرقم ـ ١. وقد تقدم في صدر كتاب الدين ـ منه رحمهالله.