وأشار بقصورهما عن الدلالة إلى احتمال كون أزرع بلفظ المستقبل ، بل هو الظاهر من الرواية الاولى.
وفيه أولا انه وان كان بلفظ المستقبل الا أن فيه ردا عليه فيما ادعاه من الانحصار في لفظ الماضي ، وثانيا ما عرفت من الصحيحة المتقدمة الصريحة في وقوع المساقاة والمزارعة بلفظ الأمر ، ثم انه قال : أيضا وفي عبارة المصنف تجوز ، لانه قال : وعبارتها كذا ولم يذكر القبول ، مع أنه أحد ركني العبارة عنها ، فلا بد من ذكره ، ولعله أشار بما ذكر الى الاكتفاء بالقبول الفعلي كما اختاره العلامة في القواعد ، فتنحصر العبارة في الإيجاب ، والأقوى اعتبار القبول اللفظي كغيره من العقود اللازمة.
أقول : فيه ان المفهوم من الاخبار كصحيحة يعقوب بن شعيب المتقدمة ، وجملة من الاخبار التي قدمناها في كتاب البيع أن المدار في القبول على حصول الرضا بما دل عليه الإيجاب ، وان لم يكن بلفظ ، وكذا في جانب الإيجاب الا ان الأظهر اشتراط اللفظ في جانب الإيجاب ، وان كان بعض متأخري المحدثين ، قد اكتفى أيضا بمجرد الرضا ، وما ذكره في الصحيحة المذكورة هو صورة عقد المساقاة ، وهو خال من ذكر لفظ القبول ، كما ادعاه.
وكذلك جملة من العقود التي وردت بها الاخبار كما لا يخفى على من راجع الروايات التي قدمناها في كتاب البيع ، وبه يظهر ضعف ما ادعاه من أن الأقوى اعتبار القبول اللفظي ، فإنه ـ مع كونه لا دليل عليه ـ مردود بظهور الدليل على خلافه كما عرفت.
الثالثة ـ المفهوم من كلام شيخنا الشهيد الثاني في المسالك أنه لا بد من كون الأرض ملكا لأحدهما عينا أو منفعة ، لأنه المستفاد من حقيقة المزارعة وصيغتها ، فلا تشرع المزارعة في الأرض الخراجية إلا باستعمال حيلة من الحيل الشرعية.