فإنه متبرع ، واستحسنه في المسالك الا أنه احتمل أيضا الرجوع مع نيته ، قال : لإذن الشارع له في ذلك فيقدم على اذن المالك ، ولان فيه جمعا بين الحقين مع مراعاة حق الله تعالى في امتثال أمره بحفظ المال ، انتهى.
أقول : لا يخفى ما في هذا الاحتمال ، بناء على ما قدمنا ذكره من النظر.
الثامن ـ الظاهر أنه لا خلاف ولا إشكال في عدم صحة وديعة الطفل والمجنون ولا إيداعهما ، بمعنى أنه لا يترتب على ذلك أحكام الوديعة ، أما الحكم الأول ـ فلانه لا شبهة في عدم أهليتهما للإذن ، واللازم منه كون يد المستودع على المال يدا عارية بغير حق ، فيضمن البتة سواء كان المال لهما أو لغيرهما وان ادعيا الاذن في إيداعه.
بقي هنا شيء وهو أن ظاهر جملة من الأصحاب إطلاق الضمان هنا كما ذكرناه ، والأقرب كما قواه في المسالك أيضا أنه لو كان قبضه للوديعة بعنوان استنقاذها من يديهما ، وخوف هلاكها عندهما بنية الحسبة في الحفظ ، فإنه لا ضمان عليه ، لانه محسن ، وما على المحسنين من سبيل.
لكن يجب مراجعة الولي أو الحاكم الشرعي إن أمكن ، والا كان في يده وترتب عليه أحكام الوديعة ، الا أنه لا يبرء بالرد إليهما ، لا في هذه الصورة ولا في الصورة المتقدمة ، للحجر عليهما المانع من ذلك ، ولا يبرء الا بالرد إلى الولي أو الحاكم أو هما بعد زوال المانع.
وأما الحكم الثاني فلأنه لو استودعهما لم يضمنا بالإهمال ، فإن المودع لهما مع علمه بعدم تكليفهما قد أهمل ماله ، وأتلفه ، ولان الضمان بالإهمال انما يثبت حيث يجب الحفظ ، والوجوب غير متعلق بهما ، لانه من خطاب الشرع المختص بالمكلف ، فإذا لم يجب الحفظ عليهما لم يترتب على الإهمال ضمان ، وهو ظاهر.
نعم لو كان التلف بغير الإهمال بأن تصرفا في الامانة وتعديا فيها فتلفت