فهل يضمنان مطلقا أم لا مطلقا أم للمميز خاصة وجوه ثلاثة.
والمختار عند جملة من الأصحاب منهم شيخنا الشهيد الثاني في المسالك هو الضمان مطلقا ، قال : لأن الإتلاف لمال الغير سبب في ضمانه إذا وقع بغير اذنه ، والأسباب من باب خطاب الوضع يشترك فيها الصغير والكبير ، ومثله القول في ما يتلقانه من مال الغير ، ويأكلانه منه ، فإنهما يضمنان.
ثم نقل الوجه الثاني وهو عدم الضمان مطلقا لعدم التكليف ، وتسليط مالكها لهما عليها فكان سببا قويا ، والمباشر ضعيف ، قاله في المسالك بعد نقل ذلك ثم قال : وجوابه يظهر مما سبق ، ثم نقل الوجه الثالث وهو الفرق بين المميز وغيره ، فيضمن المميز خاصة ، لعدم قصد غيره إلى الإتلاف ، فكان كالدابة ثم تنظر فيه بأن المقتضي للضمان وهو الإتلاف موجود ، والمانع غير صالح للمانعية.
أما القصد فإنه لا مدخل له في الضمان وعدمه ، كما يعلم من نظائره ، وأما تسليط المالك فإنه انما وقع على الحفظ لا على الإتلاف ، غاية ما في الباب أنه عرض ماله له بسبب عدم صلاحيتهما للحفظ ، وهو غير كاف في سقوط الضمان عنهما لو باشراه ، بخلاف ما إذا تركا الحفظ.
أقول : والمسئلة محل توقف لعدم الدليل الواضح والركون الى هذه التعليلات في تأسيس الأحكام الشرعية سيما مع تقابلها وتدافعها لا يخلو من الاشكال كما نبهت عليه في غير مقام مما تقدم ، ثم انه على تقدير وجوب الضمان عليهما فإنه صرح بأن المخاطب بالدفع هو الولي ان كان لهما مال ، والا كان دينا عليهما قضائه بعد التكليف ، ولا يسقط بعدم المال وقت الإتلاف ، لأن تعلق الحق بالذمة لا يتوقف عليه ، نعم إيجاب التخلص من الحق عليهما يتوقف على التكليف.
أقول : وفيه من الاشكال ما في سابقه وقد تقدم في كتاب الحجر في المسئلة الثالثة : من المطلب الثاني من الكتاب المذكور من التحقيق (١) ما فيه دلالة
__________________
(١) ج ٢٠ ص ٢٦٩.