أقول : ويدل على القول المشهور زيادة على المذكور ما تقدم من حديث ضمان على بن الحسين (١) عليهماالسلام ، لدين عبد الله بن الحسن ، وحديث ضمانه عليهالسلام لدين محمد بن أسامة (٢) فإنهما ظاهران بل صريحان في عدم معلومية الدين قدره وكميته وقت الضمان ، الا أن لقائل أن يقول : ان الظاهر من كلام المانعين من ذلك من حيث الغرر أن محل البحث والخلاف في المسألة انما هو بالنسبة إلى الضمان الذي يرجع به صاحبه على المضمون عنه ، وظاهر هذه الاخبار أعني خبر ضمان النبي (صلىاللهعليهوآله) وضمان على بن الحسين (عليهماالسلام) أنه ليس كذلك فلا تكون هذه الاخبار من محل البحث في شيء ، وهكذا الكلام في الاية فإنه متى خص محل البحث بما ذكرناه ، فان الآية ليست من ذلك في شيء أيضا ، لأن الظاهر منها انما هو ضمان الجعالة كما تقدمت الإشارة اليه.
وبالجملة فإنه ان جعل موضع البحث الضمان بقول مطلق ، فالحق في جانب القول المشهور للاية والاخبار المذكورة ، وان خص بما ذكرناه فباب المناقشة غير مسدود لما عرفت. والله العالم.
الخامسة : قد عرفت في سابق هذه المسئلة أن المشهور صحة ضمان المجهول ، الا أن القائلين بذلك اختلفوا فيما يرجع إليه في بيان ذلك المجهول وتعيين قدره ، فقيل بالرجوع في ذلك الى البينة ، بأنه كان ثابتا في ذمته وقت الضمان ، لا ما يوجد في كتاب ، ولا ما يقربه المضمون عنه ولا ما يحلف عليه المضمون له برد اليمين عليه من المضمون عنه ، فلو لم يكن ثابتا وقت الضمان بأن تجدد بعده ، فإنه لا يصح لانه ضمان ما لم يجب ، والشهادة به لا تفيد فائدة ـ ولا عبرة أيضا بما يوجد في دفتر أو كتاب لعدم الثبوت في ذمته بذلك ، وانما يلزم ضمان الثابت ، ولا ما يقر به المضمون عنه ، لأن إقراره انما ينعقد على نفسه لا على غيره ولا يحلف عليه المضمون له برد اليمين عليه من المضمون عنه ، لأن الخصومة الان بين الضامن والمضمون عنه ، فلا يلزم ما ثبت
__________________
(١) الوسائل ج ١٣ ص ١٥١ وص ١٥٣ الباب ٣ و ٥ من أبواب الضمان.
(٢) وقد تقدم حديث محمد بن أسامة في الموضع الثاني من البحث الأول ، واما حديث عبد الله بن الحسن فقد تقدم في الموضع السادس من البحث المذكور منه رحمهالله.