أقول : وبذلك قال أيضا في المزارعة ، حيث قال : كل من كان البذر منه وجبت الزكاة عليه دون الأخر ، لأن ما يأخذه كالأجرة.
وقال ابن إدريس في كتاب المزارعة من كتاب السرائر : فأما الزكاة فإن بلغ نصيب كل واحد منهم ما يجب فيه الزكاة وجب عليه ، لانه شريك مالك ، سواء كان البذر منه أو لم يكن ، وليس ما يأخذه المزارع الذي منه العمل دون البذر أجرة ، ولا كالأجرة.
وقال بعض أصحابنا المتأخرين في تصنيف له : كل من كان البذر منه وجب عليه الزكاة ، ولا تجب الزكاة على من لا يكون البذر منه ، قال : لان ما يأخذه كالأجرة ، والقائل بهذا القول العلوي أبو المكارم بن زهرة الحلبي ، شاهدته ورأيته وكاتبته وكاتبني ، وعرفته ما ذكره في تصنيفه من الخطأ ، فاعتذره بأعذار غير واضحة ، وأبان بها أنه ثقل الرد عليه ، ولعمري ان الحق ثقيل كله ، ومن جملة معاذيره ومعارضاته لي في جوابه أن المزارع مثل الغاصب للحب ، إذا زرعه ، فإن الزكاة تجب على رب الحب ، دون الغاصب ، وهذا من أقبح المعارضات وأعجب الشبهات ، وانما كانت مشورتي عليه أن يطالع تصنيفه وينظر في المسئلة ويغيرها قبل موته ، لئلا يستدرك عليه مستدرك بعد موته ، فيكون هو المستدرك على نفسه ، فعلت ذلك في علم الله شفقة وسترة عليه ونصيحة له ، لان هذا خلاف مذهب أهل البيت (عليهمالسلام) ، وشيخنا (رحمة الله عليه) قد حقق المسئلة في مواضع عدة (عديدة) من كتبه ، وقال : الثمرة والزرع نماء على ملكهما ، فيجب على كل واحد منهما الزكاة إذا بلغ نصيبه مقدار ما يجب فيه ذلك ، وانما السيد أبو المكارم نظر الى ما ذكره شيخنا من مذهب أبي حنيفة في مبسوطه ، فظن أنه مذهبنا ، فنقله في كتابه على غير بصيرة ولا تحقيق ، وعرفته أن ذلك مذهب أبي حنيفة ذكره شيخنا أبو جعفر في مبسوطه ، لما شرح أحكام المزارعة ، ثم عقب بمذهبنا