أقول : ويقول العلامة (قدسسره) في هذه المسئلة ولست أعرف في هذه المسئلة نصا وانما صرت الى ما قلت عن اجتهاد ، تعلق المحدث الأمين الأسترآبادي ونحوه من الأخباريين في التشنيع على المجتهدين ، ويمكن الاعتذار عنه (قدسسره) بأن مراده بالاجتهاد انما هو الاستنباط من الأدلة العامة ، فإنه إنما نفى وجود الخبر الخاص بهذه المسئلة ، فلا ينافيه إمكان استنباط دليل لها من الأدلة العامة ، وهو هنا حديث (١) «لا ضرر ولا ضرار». لأنه إنما استند في المنع بضرر الجار بذلك.
نعم يمكن أن يجاب عن ذلك بأن الضرر المنهي عنه انما هو نفس الاشراف ، لا الروشن المقتضى له ، كما لو فعله في ملكه أو أحدث بناء في مباح يقابله واستلزم الاشراف كما تقدم في كلام شيخنا المتقدم ذكره.
الثالث ـ ما قدمنا ذكره من جواز إخراج الرواشن والأجنحة إلى الطرق النافذة ما لم يضر بالمارة هو المشهور ، سواء عارضه فيه مسلم أو لم يعارضه أحد ، وهو قول الشيخ في الخلاف.
وقال في المبسوط : بأنه لو عارض فيه مسلم وجب قلعه ، وبه قال ابن البراج ، والأول اختيار ابن إدريس ، مستندا الى جريان العادة من غير أن ينكره أحد ، قال : وسقيفة بني ساعدة وبنى النجار مشهورتان ، ولم ينكرهما أحد من المسلمين ، ونفس الطريق غير مملوكة ، وانما يملك المسلمون منافعها دون رقبتها ، انتهى.
وبه قال العلامة وغيره ، وما ذهب اليه الشيخ في المبسوط هنا نقله في التذكرة عنه ، وعن أبي حنيفة ، قال : وقال الشيخ (رحمهالله) وأبو حنيفة لا عبرة بالضرر وعدمه ، بل ان عارضه فيه رجل من المسلمين نزع ووجب قلعه وان لم يكن مضرا به ولا بغيره ، والا ترك ، لانه بنى في حق غيره بغير اذنه ، فكان له مطالبته بقلعه ، كما لو بنى دكة في المسلوك ، أو وضع الجناح في ملك غيره ، ثم رده بان القياس ممنوع ، فان الضرر يحصل ببناء الدكة ، بخلاف الجناح والساباط والرواشن ، لان الأعمى يعتبر بها ، وكذا في الليل المظلم يعثر البصير بها ، ويضيق الطريق بها بخلاف الجناح ، وملك الغير لا يجوز التصرف فيه الا بإذنه ، بخلاف الطريق فافترقا.
__________________
(١) الفقيه ج ٢ ص ١٤٧ ح ١٨ ، الكافي ج ٥ ص ٢٩٢ ح ٢ ، الوسائل ج ١٧ ص ٣٤١ ح ٣.