أقول : والعمدة في ذلك كله هو اباحة الهواء ، وانه غير مملوك هنا للمارة ولا لغيرهم فلا مانع من التصرف فيه الا على وجه يتضرر به المارة ، والمفروض عدمه ، فلو حصل الضرر به وجب إزالته ولا يختص الوجوب بالواضع ، وان كان آكد ، بل يجب على كل من له قدرة بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.
الرابع ـ المفهوم من تقييدهم الطرق بالنافذة عدم الجواز في الطرق المرفوعة ، والوجه فيه ظاهر ، لأنها ملك لأربابها ، كسائر الأملاك المشتركة لا يجوز التصرف فيها إلا بإذن أربابها فلا يجوز لأحد منهم احداث جناح أو باب شارع إلا بإذن الباقين ، سواء أضر بهم أم لم يضر ، للمنع من التصرف في مال الغير إلا بإذنه مطلقا ، والمراد بالمرفوعة المسدودة التي لا ينتهي إلى طريق آخر ولا مباح ، بل الى ملك الغير ، والمراد بأربابها من له باب شارع إليها ، ومما يترتب على ملكهم لها جواز سدهم لها عن السكة ، مع اتفاقهم على ذلك ، وكما يحرم التصرف فيها بما تقدم ذكره كذلك يحرم بغيره من أنواع التصرفات ، فلا يجوز المرور فيها إلا بإذنهم ولا الجلوس فيها ، ولا إدخال الدواب فيها ونحو ذلك الا مع الاذن ، ويمكن الاكتفاء في جواز المرور بشاهد الحال ، وكذا الجلوس خفيفا ، فلو اتفق في تلك الطرق المرفوعة السلوك الى مسجد أو رباط أو مطهرة أو نحوها من المشتركات بين العامة لم يكن لأصحاب الطريق المنع من السلوك إليها ، ولا احداث ساباط أو جناح يضر بالمارة وان رضى أهل السكة ، لأنها صارت مشتركة بينهم وبين عامة الناس المترددين الى تلك المواضع ، ونحوه لو جعل أحدهم داره أحد تلك المواضع ، والوجه فيه ظاهر مما تقدم.
هذا والمفهوم من كلام الأصحاب من غير خلاف يعرف هو أن الطرق المرفوعة ملك لأربابها ، وظاهر المحقق الأردبيلي (رحمهالله عليه) هنا المناقشة في ذلك مستندا الى المنع من ذلك الا أن يعلم بدليل شرعي ، ولو بدعوى الملكية بشرط أن لا يكون مستنده مجرد الاستطراق ، فإن الذي علم من الاستطراق استحقاقهم ذلك لا غير ، ولما كان أكثر الطرق والاستطراق يحصل في غير الملك لا يعلم منه الملكية التي هي منفية بالأصل ، إذ لا فرق بين المسلوك والمرفوع في الحصول ، الا أن المترددين في الأول أكثر ، هذا غاية ما استند اليه (قدسسره).