لأنه قبضه لاستيفاء منفعة مستحقة لا يمكن تحصيلها إلا بإثبات اليد عليه فكان أمانة في يده ، قالوا : ولا فرق بين تلفه مدة الإجارة وبعدها.
أقول : أما تلفه مدة الإجارة فلا ريب فيه ، وأما بعدها لو كان صبيا أو مملوكا فهو مبني على ما هو المشهور ، كما تقدم في الموضع الخامس من المطلب الأول من هذا الكتاب (١) من أن العين المستأجرة من دابة أو صبي أو مملوك بعد تمام المدة هل يجب على المستأجر ردها الى المالك ، فلو أخرها ضمن ، ووجب عليه نفقتها أولا يجب عليه ذلك الا بعد طلب المالك ، والا فقبل ذلك انما يجب عليه رفع اليد عنها ، والتخلية بين المالك وبينها ، قولان : أشهرهما الثاني ، والكلام هنا مبني على هذا القول والله سبحانه العالم.
الثامنة والعشرون : المشهور في كلام المتقدمين أن من تقبل عملا لم يجز أن يقبله غيره بنقيصة ، الا أن يحدث فيه حدثا يستبيح به الفضل ، وقيل ، بالكراهة واختاره في المسالك ، والظاهر أنه قول أكثر المتأخرين.
ومن الأخبار الدالة على المشهور ما رواه في الكافي في الصحيح عن محمد بن مسلم (٢) «عن أحدهما عليهماالسلام أنه سئل عن الرجل يتقبل بالعمل فلا يعمل فيه ويدفعه الى آخر فيربح فيه؟ قال : لا إلا أن يكون قد عمل فيه شيئا».
وما رواه التهذيب في الصحيح عن أبي حمزة (٣) عن أبى جعفر عليهالسلام قال : «سألته عن الرجل يتقبل العمل فلا يعمل فيه ويدفعه الى آخر يربح فيه؟ قال لا» : وما رواه المشايخ الثلاثة عن الحكم الخياط (٤) قال : «قلت لأبي عبد الله عليهالسلام أني أتقبل الثوب بدرهم وأسلمه بأقل من ذلك لا أزيد على أن أشقه قال : لا بأس بذلك ، ثم قال : لا بأس فيما تقبلت من عمل ثم استفضلت فيه».
__________________
(١) ص ٥٤٢.
(٢) الكافي ج ٥ ص ٢٧٣ ح ١.
(٣) التهذيب ج ٧ ص ٢١٠ ح ٥ ، هما في الوسائل ج ١٣ ص ٢٦٥ ح ١ و ٤.
(٤) الكافي ج ٥ ص ٢٧٤ ح ٢ ، التهذيب ج ٧ ص ٢١٠ ح ٧ ، الوسائل ج ١٣ ص ٢٦٥ ح ٢.