منتف هنا ، وجريان المعاطاة هنا بعيد ، لاشتمال هذا العقد على الغرر وجهالة العوض ، بخلاف البيع والإجارة ، فينبغي الاقتصار فيه على موضع اليقين ، انتهى.
وأنت خبير بما فيه مما أسلفنا بيانه في غير مقام مما تقدم ، ولا سيما في كتاب البيع (١) وبالجملة فالمستفاد من الاخبار على وجه لا يعتريه شائبة الإنكار ، هو الاكتفاء بالألفاظ الدالة على التراضي بذلك على أى نحو اتفق.
ومنها صحيحة يعقوب بن شعيب المتقدمة ، فإن ما اشتملت عليه من قول المالك «اسق هذا من الماء وأعمره ولك نصف ما خرج» هو عقد المساقاة الذي أوجبوا ترتب أحكام المساقاة عليه ، وهو ظاهر أيضا في أنه يكفى في القبول الرضا الفعلي ، دون القولي كما تقدم نظيره في المزارعة ، والمفهوم أيضا من أخبار خيبر ودفع النبي (صلىاللهعليهوآله) أرضها ونخلها لهم بالنصف ، هو مجرد التراضي على ذلك بقول أو فعل بأي نحو كان ذلك.
على أن ما ادعوه من لفظ المساقاة في هذه المعاملة ـ وتسميتها بهذا الاسم فضلا عن كونه أصرح ألفاظها ـ لم يرد في خبر من الاخبار بالكلية ، وانما هو شيء اصطلحوا عليه ، وتبعوا العامة في التسمية بهذا الاسم ، ولفظ المزارعة وان وجد في الاخبار الا أن هذا اللفظ لم نقف عليه في خبر منها بالكلية ، والذي وجدناه من أخبارها هو ما قدمناه وربما أطلق عليها في بعض الاخبار لفظ القبالة.
وبالجملة فإن ما ذكروه في المقام كما ذكروه في غير نفخ في غير ضرام لعدم ثبوته في شيء من أخبارهم (عليهمالسلام) التي هي المعتمد ، وعليها المعول في النقض والإبرام.
تنبيهات :
الأول ـ الظاهر أنه لا خلاف بينهم في أنه يكون عقد المساقاة من العقود اللازمة ، واستندوا في ذلك الى الأدلة العامة ، مثل قوله تعالى «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» (٢)
__________________
(١) ج ١٨ ص ٣٤٨.
(٢) سورة المائدة ـ الاية ١.