عن أبي عبد الله (عليهالسلام) مثله بأدنى تفاوت ، والمراد بكون الدرهمين معهما كما تضمنه الخبران هو كونهما تحت يديهما معا ، ليتساويا في الدعوى ، فلو كانا في يد مدعى الدرهمين لقدم قوله فيهما بيمينه ، ولو كانا في يد مدعى الدرهم لقدم قوله فيه بيمينه وأما إذا كانا في يديهما معا فالحكم ما ذكره (عليهالسلام).
والوجه في أحد الدرهمين واضح ، لان مدعى الدرهم قد اعترف لصاحبه بأنه لا يستحق من الدرهم الثاني شيئا ، وانما يبقى النزاع بينهما في درهم ، وكل منهما يدعيه ، وقد حكم عليهالسلام بالقسمة بينهما أيضا ، وحينئذ فلمدعي الدرهمين درهم ونصف ، أما الدرهم فلاعتراف صاحبه له به ، وأما النصف من الدرهم الثاني فمن حيث حكمه (عليهالسلام) في الدعوى على هذه الكيفية بالقسمة انصافا.
ويستفاد منه كون الحكم كذلك في كل عين ادعاها اثنان مع إثبات يديهما عليهما ولا بينة ، أو يكون لكل منهما بينة ، الا أنه لا رجحان لإحديهما على الأخرى وظاهر الرواية المذكورة وكذا كلام جملة ممن ذكر المسئلة هو أن الدرهم يقسم بينهما انصافا من غير يمين.
والمفهوم من كلام جملة من المتأخرين أنه لا بد من أن يحلف أولا كل منهما للآخر على استحقاق النصف ، ومن نكل من أحدهما قضى به للآخر ، ولو نكلا معا أو حلفا قسم بينهما نصفين ، بل صرح بذلك في التذكرة فقال : لو كان في يد شخصين درهمان فادعاهما أحدهما وادعى الأخر واحدا منهما اعطى مدعيهما معا درهما وكان الأخر (١) بينهما نصفين ، لان مدعى أحدهما غير منازع في الدرهم الأخر فيحكم به لمدعيهما ، وقد تساويا في دعوى أحدهما يدا ودعوى فيحكم به لهما.
هذا إذا لم يوجد بينة ، والأقرب أنه لا بد من اليمين فيحلف كل واحد منهما على استحقاق نصف الأخر الذي تصادم دعواهما فيه ، فمن نكل منهما قضى به للآخر ، ولو نكلا معا أو حلفا معا قسم بينهما نصفين لما رواه عبد الله بن المغيرة ، ثم ساق الرواية كما قدمناه. انتهى.
__________________
(١) أى الدرهم الأخر الذي هو محل الدعوى. منه رحمهالله.